كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 4)

الْوَازِعِ وَهُوَ جَابِرُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ. [قَالَ: أَمِطِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ لَكَ صَدَقَةٌ] .
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَرْزَةَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَنْ قُبِضَ. فَتَحَوَّلَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَزَلَهَا حِينَ نَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَنَى بِهَا دَارًا. وَلَهُ بها بقية. ثم غزا خراسان فَمَاتَ بِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا كَانَتْ لأَبِي بَرْزَةَ جَفْنَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ غُدْوَةً وَجَفْنَةٌ عَشِيَّةً لِلأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَرْزَةَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ كَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ أَخَاكَ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو يَلْبَسُ الْخَزَّ وَهُوَ يَرْغَبُ عَنْ لِبَاسِكَ. قَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ مِثْلُ عَائِذٍ لَيْسَ مِثْلُهُ! ثُمَّ أَتَى عَائِذًا فَقَالَ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا بَرْزَةَ يَلْبَسُ الصُّوفَ وَهُوَ يَرْغَبُ عَنْ لِبَاسِكَ. قَالَ: وَيْحَكَ وَمَنْ مِثْلُ أَبِي بَرْزَةَ لَيْسَ مِثْلُهُ! فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَأَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الآخَرَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ وَيَرْكَبُ الْخَيْلَ وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَلا يَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مُمَصَّرَيْنِ. فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَشِيَ بَيْنَهُمَا فَأَتَى عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ يَرْغَبُ عَنْ لُبْسِكَ وَهَيْئَتِكَ وَنَحْوُكَ لا يَلْبَسُ الْخَزَّ وَلا يَرْكَبُ الْخَيْلَ؟ فَقَالَ عَائِذٌ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَرْزَةَ. مَنْ فِينَا مِثْلُ أَبِي بَرْزَةَ! ثُمَّ أَتَى أَبَا بَرْزَةَ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى عَائِذٍ يَرْغَبُ عَنْ هَيْئَتِكَ وَنَحْوِكَ. يَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَلْبَسُ الْخَزَّ؟ فَقَالَ:
يَرْحَمُ اللَّهُ عَائِذًا. وَمَنْ فِينَا مِثْلُ عَائِذٍ؟
قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ ثَعْلَبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ يُخْبِرُنَا عَنِ الْحَوْضِ؟ فَقَالَ: هَاهُنَا أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ رَجُلا مُسْمِنًا فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدِيَّكُمْ هَذَا لَدَحْدَاحٌ. قَالَ فَغَضِبَ أَبُو بَرْزَةَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ أَمُتْ حَتَّى عُيِّرْتُ بِصُحْبَةِ

الصفحة 224