كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ولو دبر المرهونُ يجوز؛ لأنه يمكن بيعُه عند المَحلِّ, فإذا حل الدَّين يباع بقدر الدَّين, والباقى مدبرِّ.
ولو علق عتق المرهونِ بصفة فهو كإفشاء الإعتاقِ. ولو وقف المرهونُ: ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كالعِتقِ؛ لأنه حَقٌّ لله تعالى لا يمكن إسقاطه.
والثانى: لا يَصحُّ؛ لأنه تصرفٌ لا يقبل السِّرايَةَ, كالبيعِ وَالهِبةِ.
فَصْلٌ

إذا آلت المرهونة بِولدٍ فادَّعى الرَّاهنُ أنى كنت وَطئتُها قَبلَ الرهن, أو بعد الرهن قبل التَّسليمِ, وهذا الولدُ مِنى- نظر: إن صدقه المرتهن, أو قامت عليه بينة - فالرهنُ باطلٌ سَواءٌ آلت لأقل من ستةِ أشهرٍ من وقتِ الإقباض أو أكثر, إذا كان لدون أربع سنين من وقتِ الإقباض, وهى أُمُّ ولد له.
ولا يَجبُ أن يرهن قيمتها؛ لأنه بان أن الرَّهن لم يكن صحيحًا, وللمرتهن فسخُ البيع المشروطِ فيه الرهْنُ.
وإن كذَّبه المرتهنُ, ولم يكن له بينة- هل يُقبل قوُل الراهنِ؟
فيه قولان:
وكذا لو ادَّعى: أنى كنتُ أعتقها قبل الرَّهنِ, أو قبل التَّسليم- هل يقبل؟:
فيه قولان:
أصحُّهما: لا يقبل؛ لما فيه من إبطالِ حَقِّ المرتهنِ, كما لو باعَ جاريةٌ, ثم ادَّعى أنه كان قد أعتْقها أو استولَدَها- لا يقبلُ.
والثانى: يقبل؛ لأنه غيرُ متهمٍ فى هذا الإقرار, فإنه يقرُّ فى مِلكِ نفسِهِ, بخلاف ما لو باعها ثم ادعى العتق او الاستيلاد- لا يقبل؛ لأن إقراره فى مِلكِ الغيرِ.
فإن قلنا: يقبل كانت أم ولد.
وإن ادعى العتق كان حرًا, وللمرتهن الخيارُ فى فَسْخِ البيع المشروط فيه هذا الرهن.
وإن قلنا: لا يقبلُ, فهو كإنشاء هذا الاستيلادِ والعِتقِ.
وقد نص على أنه لو أقرَّ بعتقه لم يَضرَّ المرتهن.
فإن كان موسرًا أخذت منه قيمته, وكان رَهنًا. وإن كان معسرًا بيع فى الرَّهنِ
ومتى رجع إليه عتق؛ لأنه مقرٌّ أنه حرٌّ, أجاب على قولنا: إن إعتاق المرهون ينفذ إذا كان المعتق موسرًا.

الصفحة 26