كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وإن حَدَثَ الغراسُ والبناءُ بعد الوقف والصلح مِنْ مالِكِ لَهُ- جاز رهنُ البناء والغراسِ.
ولو رهن الأرض مع الغراس والبناء- لا يصحُّ فى الأرض.
وفى الغراسِ والبناءِ قولان؛ كما لو رهن شيئين وأحدهما ليس له- هل يصحُّ فيما له؟ فيه قولان.
وكذلك لو رهن الأرضَ مطلقًا, ولم يعترض للغراس والبناء, وقلنا: إن الغراسَ والبناء يتبع الأصل. فهل يصحُّ الرهنُ فى البناء والغراس؟ فيه قولان.
وإذا صحَّ الرهنُ فى الغِراسِ والبناء- فالخراج يكونُ على الرَّاهن, فلو أدى المرتهنُ الخراجَ بغير إذن الراهن- فهو متبرع. لا يرجع عليه, فإن أدى بإذنه رجع عليه, سواء شَرَط الرجوع, أو لم يشترط؛ كما لو اكترى دارًا, ثم أكْراها من غيره, والمكترى الثانى أدى الكِراءَ عن الأول بغير إذنه- لا يرجع عليه, وإن أدَّى بإذنه رجع عليه.
فإن قال الرَّاهنُ: أدِّ الخراج على أن ترجع, والغراس والبناء مَرهونٌ منك بالحَقَّين- فهو كما لو زاد فى الدَّين على رهنٍ واحدٍ.
وفيه قولان.
ويجوز رهنُ العبدِ المرتدِّ؛ كما يجوز بيعُه, ثم إن كان عالمًا, لا خيار فى فسخ البيع المشروط فيه, وإن كان جاهلًا, فإن قتل قبل القبضِ انفسَخَ البيعُ, وإن قتل بعده فمن ضَمَان من يكون؟ فيه وجهان؛ كما فى البيع.
فإن جعلناه من ضَمانِ الرَّاهنِ, فللمرتهن فَسْخُ البيع. وإن جعلناه من ضَمانِ المرتهنِ- فلا فَسخَ له, ولا أرشَ؛ كما لو مات فى يده وعلى هذا: لو رهنَ عبدًا, وجب عليه القطعُ فى السَّرقة, والمرتهنُ جاهلٌ, فقطع قبل القبض- له فسخُ البيعِ المشروطِ فيه.
وإن قطع بعده فوجهان.
ولو رهن عبدًا فى عنقه جِنايةٌ, نظر: إن كانت موجبةٌ للمال, أو عفا على مالٍ - نظر: إن رَهنَهُ بعد اختيار الفداء- جاز, وإن رهنه قبله فهو كبيعه, إن كان الرَّاهنُ معسرًا لا يَصِحُّ الرهن, وإن كان موسرًا فعلى قولين:
أصحهما: لا يصح؛ لأنه كالمرهون فى حَقِّ المجنى عليه, ورهن المرهون لا يَصِحُّ, بل حَقُّ الجناية أقوى من حَقِّ المرتهن, بدليل أن العبدَ المرهونَ إذا جنى يُقدَّم حَق المجنىِّ عليه على حَقِّ المرتهن, وسواء كانت قيمته مستغرقةٌ بالدَّينِ أو لم تكن.
والثانى: يصحُّ, ويصير مختارًا للفداءِ.

الصفحة 32