كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ولو رهن بألف, ثم زاد ألفًا, وجعله رهنًا بهما, وأشهدَ شاهدين؛ أنه رهن بألفين, وعلم الشَّاهدان حال الرهن فى الباطن- فإن كان اعتقادهما أنه لا يجوز ذلك- لا يجوز أن يشهدا إلا بما جرى فى الباطن, فإن اعتقد جوازه, فهل لهما أن يَشهدا أنه مرهونٌ بألفين؟ -: فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لاعتقادهما جوازه.
والثانى: لا يجوز إلا بما عليه الأمر فى الباطن؛ لأن الاعتبارَ فى الحكم باجتهاد الحاكم لا باعتقاد الشَّاهد.
فَصلٌ
وإذا رهن عبدًا وأقبضه, ثم أقرَّ أنه كان قد جنى جنايةً موجبةً لمال, أو أتلف مَال إنسانٍ- نظر: إن لم يدعه المقرُّ له, لم يقبْل قبولُ الراهن, وهو رَهْنٌ بحاله.
وإن ادَّعاهُ المقر له, نظر: إن صدقه المرتهن, سلّم فى الجِنايةِ, وللمرتهن الخيارُ فى فَسخِ البيع المشروط فيه ذلك الرَّهن, وإن كَذَّبه المرتهنُ, هل يقبل قولُ الرَّاهنِ؟
فيه قولان:
أصحهما؛ وبه قال أبو حنيفة, واختاره المزنى: لا يُقبل لتعلُّق حَقِّ المرتهن به؛ كما لو باع عبْدًا, ثم أقر عليه بجنايةٍ لا يقبل:
والثانى: يقبل؛ لأنه يقرُّ فى ملك نفسه فلا تُهمة.
فإن قلنا: لا يقبل, فالقولُ قولُ المرتهن مع يمينه, يحْلِفُ بأنه لا يعلم أنه قد جنى, ويحلف على نَفْى العلم؛ لأنه يمينٌ على نفى العلم لِفِعل الغير, فإذا حلف بقى العبدُ مَرهونًا.
وهل يعرمُ الرَّاهن حَقَّ المجنىِّ عليه؟ - فيه قولان:
أحدهما: يغرم, وهو اختيار المزنى؛ لأنه حال بين العبد والمجنى عليه لعقد الرَّهْن؛ كما لو قتله.
فإن كان موسرًا يغرم فى الحَالِ؛ وإن كان معسرًا فحتى يُوسرَ.
والثانى: لا يغرم, لأنه لم يقرَّ بشئٍ فى ذمته, بل أقر فى رَقَبةِ العبدِ, والعبد ليس فى يَدهِ؛ كما لو أقرَّ بعبدِ الغير لإنسان, لا يلزمه شَئٌ.
وكذلك لو أقر بأن المرهون مَغْصوبٌ هل يقبل؟
فيه قولان: فإن قلنا: لا يقبل, فهل يغرم قيمته لِلمغْصُوبِ منه؟

الصفحة 34