كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

الجناية, فصار كما لو جَنَى بعد الرَّهن, يباع بقدر الجناية؛ والباقى يكون رَهنًا.
والثانى, وهو الأصح: لا يكون رهنًا؛ لأن نْكُول المرتهنِ, ويمينَ الراهن كالإقرار من المرتهن بأنه كان جانبًا؛ فلم يصحَّ الرهنُ فى شَئٍ منه؛ كما لو قامت بيّنة عَلى جنايته. وإن نَكَل الرَّاهنُ عن اليمين, هل ترد اليمينُ على المجنى عليه؟ -:
فيه قولان:
أحدهما: بلى؛ لأن الحقَّ له.
والثانى: لا؛ لأن يمينَ الرد لا ترد.
فإن قلنا: تُرد, وقلنا فى الإبتداء: عند نُكول المرتهن تُرَدُّ على المجنى عليه, فإن حَلَفَ, بيع العبدُ فى الجناية, ولا خيار للمرتهن, وإن نكل بَطَل حقُّه, والعبدُ مرهونٌ.
هذا كله تفريغ على قولنا: (إن إقرار الرَّاهن لا يقبلُ)
فإن قلنا: يقبل إقراره, فهل يَحْلِفُ؟

فيه قولان:
أحدهما: لا يحلف؛ لأن التحليفَ للتخويف؛ لعله يرجع عن قوله إن لم يكن صادقًا, ورجوعه هاهنا لا يُقبل.
والثانى: يحلف لحق المرتهن.
فإن قلنا: لا يحلف, يباع العبد فى الجناية, وللمرتهن الخِيارُ فى فَسخ البيع المشروط فيه هذا الرهن, إن قلنا: يحلف, يحلف على البت أن العبد جَانٍ؛ لأنه يمين على الإثبات, فإن حَلف يباعُ العبدُ فى الجناية إذا لم يَفد السيد.
فإن لم يستغرق الأرش قيمته يُباع بقدر الأرشِ.
والباقى هل يكون رَهْنًا؟
فيه قولان:
أحدهما: لا؛ كما لو قامت بينةٌ على الجناية, فعلى هذا لو فَدَى السيد لا يعود رَهْنًا إلا بعقدٍ جديدٍ.
والثانى: يكون رهنًا؛ لأن إخراجه عن الرَّهن بسببِ الجنايةِ. فما فضل عن الأرش يبقى رَهْنًا؛ كما لو جنى بعد الرهن.
وإن نَكَل الراهنُ عن اليمين حلف المُرتَهِنُ, وكان العبدُ رهنًا, وإن نكل بيعَ فى الجناية, ولا خيار له, هذا إذا أقرَّ الراهنُ أن المرهونَ جَنَى قبْلَ الرَّهْنِ.
أما إذا أقر أنه جنى بعد الرهن والتسليم, فَكَذَّبه المرتهنُ لا يقبل قول الراهن, سواء

الصفحة 36