كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ما يباع في الدين: ففي الحكم كالباقي على ملك الميت.
ولو باعه الأب في حياته في دينه: كان لهم الشفعة، كذلك: إذا بيع بعد موته في حاجته.
ولو كانت دار بين ثلاثة، فباع واحد منهم نصيبه من أحد شريكيه: ثبتت الشفعة للشريك الثالث، وهل تثبت للمشتري أم لا؟ الصحيح من المذهب- وهو قول المزني-: أنه تثبت؛ لأنه أحد الشريكين؛ فتكون بينهما نصفان.
وقال ابن سريج: لا شفعة للمشتري؛ لأن الإنسان لا تثبت له الشفعة على ملك نفسه، بل للشريك، إن شاء أخذ الكل، وإن شاء ترك الكل.
والأول أصح، وليس للمشتري أن يقول للشريك الثالث: إما أن تأخذ الكل أو تدع الكل؛ لأنه يقول له: تملكك بالشراء أقوى من تملكك بالشفعة، ولو ثبت لك حق الشفعة معي: لم يكن لك إلزامي أخذ نصيبك، فإذا تملكت بالشراء أولى؛ فالمشتري إذا ترك حقه؛ لا يجبر الشريك على أخذ نصيبه، وإذا ترك الشريك الثالث شفعته: لزم المشتري؛ لأنه اختار تملكه بالشراء.
وعلى هذا: دار بين رجلين باع أحدهما نصف نصيبه من رجل، ثم باع النصف الثاني قبل علم الشفيع- لا يخلو: إما أن باع النصف الثاني من غير المشتري الأول، أو باعه منه، فإن باعه من غير الأول: فإذا جاء الشفيع: له أخذ النصف الأول، فإذا أخذه، ثم أراد أخذ النصف الثاني: هل يكون المشتري الأول معه شريكاً فيه؟ فعلى وجهين:
أحدهما: لا؛ لارتفاع شركه.
والثاني: بلى؛ لأنه كان شريكاً فيه حالة بيع نصف الثاني، أما إذا عفا الشفيع عن النصف الأول، وأراد أخذ النصف الثاني: فالمشتري الأول يكون شريكاً معه فيه.
أما إذا باع النصف الثاني من المشتري الأول، ثم جاء الشفيع: فعلى قول ابن سريج: لا شفعة للمشتري، سواء عفا عن النصف الأول أو لم يعف؛ فالشفيع بالخيار، إن شاء أخذ الكل، وإن شاء عفا عن أحدهما وأخذ الآخر.
وعند المزني- وهو الأصح-: حكمه حمك ما لو باع من أجنبي، فإن عفا الشفيع عن النصف الأول: كان المشتري شريكاً معه في النصف الثاني، وإن لم يعف، وأخذ النصف الأول، هل يشاركه المشتري في النصف الثاني فعلى وجهين؛ كما لو كان المشتري الثاني غير الأول.

الصفحة 374