كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

فصلٌ
مال القراض يكون أمانة في يد العامل؛ يجب عليه حفظه ولا يعرضه للهلاك، ولا يجوز أن ينفق [منه شيئاً] على نفسه، ولا كسرة يدفعها إلى السقاء.
وقال مالك- رحمة الله عليه-: يجوز أن ينفق على العادة؛ مثل الغذاء وكسرة السقاء دون الشعاء.
ولا يجوز أن يسافر بمال القراض بغير إذن رب المال، فإن سافر به ضمن، وإن باعه في السفر- نُظر: إن كان ذلك المال أرخص بتلك البلدة: لم يصح البيع، وإن كان مثل هذا البلد أو أغلى: صح البيع والثمن يكون مضموناً عليه؛ لأنه مخاطر بسبب السفر، فإذا عاد لا يعود أمانه، ولا يجوز أن يؤدي شيئاً من مؤنة ذلك السفر من مال القراض.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: يجوز للعامل أن يسافر بمال القراض.
أما إذا سافر بإذن رب المال: جاز، ولا يضمن، وهل يستحق النفقة؟
قال في رواية المزني: له النفقة بالمعروف، وقال في رواية البويطي: لا يستحق النفقة.
اختلف أصحابنا فيه:
منهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: لا يستحق؛ كما في حال الإقامة.
والثاني: يستحق؛ لأنه سلم نفسه لذلك الآمر؛ كالزوجة: تستحق النفقة، إذا سلمت نفسها إلى الزوج، وقبل التسليم: لا تستحق.
ومنهم من قال: لا يستحق.
وحيث قال: له النفقة بالمعروف، أراد به: المؤن التي تلزم المال من كراء الدابة وأجرة الحارس ونحوها.
فإن قلنا: يستحقك فكم يستحق؟ فيه وجهان:
أحدهما: جميع ما يحتاج إليه من النفقة والكسوة والإدام.
والثاني: يجب ما زاد بسبب السفر من الخف والإداوة والسطيحة ونحوها.

الصفحة 386