كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

عليه، وإن تلف بعضه- نظر: إن تلف بعد الشروع في العمل والتصرف: فهو بمنزلة الخسران؛ يجبر بالربح، حتى لو دفع إليه مائة، فربح عليها خمسين، ثم تلف منها مائة، ثم ربح بعده خمسين: فكلها رأس المال.
وإن تلف قبل الشروع في العمل: فيه وجهان:
أحدهما: يُجبر ذلك من الربح؛ كما لو تلف بعد الشروع في العمل.
والثاني: لا؛ بل يجعل كأنه لم يفع إليه إلا بقدر ما بقي؛ لأن العقد لم يتأكد [إلا] بالشروع في العمل.
ولو سُرق بعض مال القراض، أو غصب، أو أتلف- نظر: إن ظهر بالمتلف، فأخذ بدله: فهو من القراض، حتى لو أتلف كله، فأخذ بدله: فهو في القراض، وإن لم يظفر ببدله، فربح على ما بقي: هل يُجبر المسروق والمتلف بالربح؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجبر؛ كما لو تلف بآفة سماوية.
والثاني: لا يجبر؛ لأنه أعقب بدلاً؛ فلا يجب جبره من مال القراض.
ولو كان مال القراض ألفاً، فاشترى بعينها شيئاً، فتلف الألف قبل التسليم: بطل العقد، وارتفع القراض، وإن اشترى في الذمة، ثم تلفت الألف: ففيه وجهان:
أحدهما: كان العقد للعامل، وعليه الثمن من ماله، وارتفع القراض.
والثاني: العقد لرب المال، وعليه ألف أخرى، وهو قول أبي حنيفة- رحمه الله- لأنه اشترى له كما لو تلف الثمن في يد الوكيل: يجب على الموكل الثمن؛ فعلى هذا: كم يكون رأس المال؟ فيه وجهان:
أحدهما: ألف واحدة؛ لأن العقد وقع على ألف.
والثاني: ألفان؛ لأنه دفع إليه ألفين.
فإن قلنا: ألف: فأي الألفين؟ فيه وجهان؛ لأنه ربما يكون بين ألفين تفاوت في وصف.
ولو اشترى بمال القراض عبداً، فقتل: فإن كان في المال ربح: لا ينفرد أحدهما بالاقتصاص، وإن لم يكن في المال ربح: فلرب المال أن يقتص؛ إن كان موجباً للقصاص، أو يعفو على غير مال، وإن كان موجباً للمال: فله أن يعفو عن المال، وارتفع القراض، فإن أخذ القيمة: فالقراض باق باق فيها حتى لو صالحه عن القود على أكثر من القيمة: فالزيادة ربح، وللعامل فيها نصيب.

الصفحة 394