كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

دفع إليه مائة قراضاً، وشرط له نصف الربح، فربح عشرين، ثم استرد رب المال عشرين، فانخفضت السوق، فعادت إلى ثمانين: ليس لرب المال أن يقول: دفعت إليك مائة، وأخذت عشرين، والآن معك ثمانون، فآخذها؛ لأنه أخذ العشرين حين كان الربح سدس المال، فما أخذه كان خمسة أسداسه من رأس المال، وسدسه من الربح، وهو ثلاثة دراهم وثلث، ونصفه للعامل، وهو درهم وثلثان؛ فيسترد ثمانية وسبعين وثلثاً.
ولو دفع إليه مائة، فخسر عشرين، ثم أخذ رب المال عشرين: بقي في يد العامل ستون، فتصرف، وربح، فبلغ ثمانين: فليس لرب المال أخذ كلها؛ لأنه أخذ العشرين حين كان الخسران قدر ربع المال، فقابله ربع الخسران، وهو خمسة، لا يجب على العامل جبرها؛ بل عليه جبر ثلاثة أرباعها، وهو خمسة عشر في مقابلة ما بقي من رأس المال؛ فجبرنا خمسة عشر؛ صار رأس المال خمسة [و] سبعين؛ بقي خمسة للربح؛ يكون بينهما؛ فيسترد رب المال ستة وسبعين ونصفاً.
ولو مات أحد المتقارضين، أو جن، أو أغمي عليه: ينفسخ العقد؛ لأنه عقد جائز؛ كالوكالة، والشركة.
ثم إن مات رب المال؛ فإن كان عليه دين أو أوصى بمال: صرف المال إلى دينه ووصيته، ولم يكن لهم المقام على القراض.
وإن كان قد تصرف فيه العامل، وفيه ربح: يقدم حق العامل على الدين والوصايا: فإن لم يكن عليه دين، ولا وصية- نُظر: إن أقام وارث رب المال والعامل على الدين والوصايا: فإن لم يكن عليه دين ولا وصية: انفسخ الذي حصل بالموت، وأخذ الوارث المال، إن لم يكن فيه ربح، وإن كان فيه ربح: اقتسما، وأخذ العامل حصته، وإن كان المال عرضاً: باعه العامل؛ لأن موت رب المال ليس بأكثر من فسخه، وبعد فسخه: كان له بيع العرض من مال القراض، فإذا باعه: أخذ حقه من الربح، إن كان فيه ربح، وإن لم يكن فيه ربح: كان ما حصل لوارث رب المال، وإن مات العامل: لم يكن لوارثه بيع المال بغير إذن رب المال، فإن لم يرض ببيعه، وفيه ربح- رفع إلى الحاكم حتى ينصب من يبيعه، فيأخذ رب المال رأس ماله؛ ويقسم الربح بينهما.
فإن مات أحدهما، وأراد وارث الآخر مع الحي المقام على القراض الأول- نُظر:
إن كان المال ناضاً: فلا يجوز إلا بعد استئناف عقد جديد؛ لأن الناض يقبل عقد القراض.

الصفحة 396