كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ومنهم من قال في "المساقاة": يجوز وجهاً واحداً؛ لأن في المساقاة: يكون بعض الأعمال على رب المال؛ فلا ينفرد به العامل باليد؛ فجاز أن يشترط فيها عمل غلامه، وليس على رب المال في القراض عمل؛ فلا يجوز شرط عمل الغلام فيه، وليس كما لو شرط أن يعمل معه رب النخيل: لم يجز؛ لأن رب النخيل، إذا دخل معه: يكون أصلاً، ويكون اليد له، والغلمان يكونون تحت يد العامل؛ يصرفهم كيف يشاء، فلا تكون اليد لهم؛ بدليل أنهما لو تنازعا في شيء، وكان الشيء في يد العامل: كان القول قول العامل.
فإن قلنا: يجوز: لم يصح حتى يعرف الغلمان بالرؤية أو بالوصف.
ويجب أن يكون الغلمان تحت أمر العامل؛ فإن جعل التدبير إلى الغلمان: لم يجز؛ لأن العاملح حينئذ- يكون تبعاً، ولا يكون متبوعاً، ونفقة الغلمان على ما يتشارطان؛ فإن شرطا على العامل: جاز؛ لأنهم أعون له، وإن أطلقا: فالنفقة على رب النخيل؛ لأنه مالكهم.
وعند مالك- رحمة الله عليه: على العامل، وإذا شرطا على العامل، هل يشترط بيان قدرها؟ فيه وجهان:
أحدهما: يشترط أن يبين نفقة كل يوم من الخبز والإدام.
والثاني: لا يشترط، بل على العادة؛ لأن العمل مجهول؛ كذا النفقة: جاز ألا تكون معلومة.
ولو شرط نفقتهم في الثمار: لا يجوز؛ لأن ما يبقى يكون مجهولاً، ثم بعد فراغ الغلمان من عمل الحائط: ليس للعامل أن يستعملهم في عمل نفسه، ولو شرط ذلك: بطل العقد؛ لأنه شرط لنفسه جزءاً من الثمرة، مع عمل الغلام.
ولو شرط العامل أن يعمل معه غلمانه، أو يستأجر أجراء يعملون معه، وتكون نفقة الغلمان وأجرة الأجراء من الثمرة: لا يصح؛ لأنه مجهول، ولأن مقتضى المساقاة، أن يكون العمل على العامل؛ فإذا شرط أن يعمل معه غيره، ويكون أجرته من الثمرة: فقد أسقط عن نفسه بعض ما يلزمه من العمل؛ بخلاف ما لو شرط في القراض أجرة الأجراء؛ مثل: الدلال والحمال والمنادي من مال القراض: جاز؛ لأن مؤنة هذه الأعمال: تكون في مال القراض عند إطلاق العقد؛ فلا يتعين بالشرط حكم العقد.
وإذا كان له حائط له فيه غلمان يعملون فساقى رجلاً: لا يدخل الغلمان فيه؛ لأن قصده تفريغ الغلمان لشغل آخر.

الصفحة 412