كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

معلوم: فإن شرط تعجيل الأجر: يتعجل، وإن شرط التأجيل: يتأجل، وإن أطلق: يجب تعجيلها؛ كالثمن في البيع؛ فيملك الأجرة بنفس العقد، ويستحق تسليم [الكل إليه بتسليم العين إلى المستأجر.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: لا يملك الأجرة بنفس العقد، بل يملك شيئاً فشيئاً، ويستحق التسليم] شيئاً فشيئاً؛ كما أن المستأجر يستوفي المنفعة شيئاً فشيئاً.
فنقول: عوض في معاوضة تتعجل بشرط التعجيل. فتتعجل عند الإطلاق؛ كالثمن في البيع، فإن قيل: المستأجر لا يملك المنفعة إلا شيئاً فشيئاً؛ كذلك الآجر: لا يملك الأجرة، قلنا: لا، بل يملك المستأجر المنفعة بنفس العقد، وإن كانت معدومة، فنجعلها كالموجودة في الحكم؛ كما جعلناها موجودة في جواز العقد عليها.
والدليل على أنه يملك الأجرة بنفس العقد: أن الاعتياض عنها: يجوز، ويصح ضمانها، والمكاتب: لو بقي عليه عشرة دراهم من النجوم، فأجر داره من سيده بعشرة: يعتق.
ولو استأجر عيناً أو اكترى دابة بعينها لحمل أو ركوب: جاز، وإن كان يشاهدها، وإن كانت غائبة: فعلى قولي شراء الغائب.
فإن جوزنا: فإن كانت داراً أو أرضاً: يجب أن يبين موضعها، وسعتها، أو دابة: يذكر جنسها ونوعها أنها: بعير، أو حمار، أو بغل، من ذكر أو أنثى.
ولا يجب تسليم الأجرة في المجلس.
ولو تلفت الدابة تنفسخ بنفس العقد.
ولو تعيبت، أو وجد بها عيباً قديماً: للمكتري فسخ العقد، ولا يجوز الإبدال؛ كالمبيع المتعيب، إذا تلف، وإذا كانت الإجارة في الذمة؛ بأن قال: ألزمت ذمتك، وحملي، أو حمل متاعي على دابتك إلى موضع كذا: فهو كالسلم؛ لا يشترط رؤية الدابة، بل يصفها.
ويجوز بلفظ "السلم" فيقول: أسلمت إليك هذه الدراهم، أو هذا الثوب في ظهر يحمل متاعي، أو يحملني إلى موضع كذا.
ولا يجوز تأجيل الأجرة، بل يجب تسليم الأجرة في المجلس بأي لفظ عقد.

الصفحة 430