كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

والثاني: له الفسخ فيها؛ لأنه لم يسلم له جميع المعقود عليه.
فإن قلنا: له الفسخ فيها، وفسخ: يسقط عنه جميع المسمى، وعليه أجر مثل ما مضى من المسمى، ويوزع على المنفعة لا على الزمان، حتى لو استأجر ستة أشهر، ولم يمض من الزمان إلا شهران، ويقابلها نصف الأجرة: عليه نصف المسمى، وإن مضت أربعة أشهر ولا يقابلها إلا ثلث الأجرة: عليه ثلث المسمى.
ولو لم تنهدم الدار، ولكن انهدم جدارٌ، أو انكسرت منها دعامة، أو اعوجت، أو انقطع ماء البئر، أو تغير بحيث يمنع الشرب، أو الوضوء، أو مرض العبد، أو اعتلت يده، أو حدث به ما ينقص منفعته بعد القبض، أو قبله: لا ينفسخ العقد، وللمستأجر أن يفسخ العقد في المدة الباقية، وهل له الفسخ في المدة الماضية؟ فيه وجهان:
وإن لم يفسخ: فعليه كمال المسمى.
وإن اكترى داراً، فانهدم بعضها، ورضى المكتري سكناها، ولم يفسخ العقد- فهل يلزمه جميع الأجرة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه لم يستوف جميع ما استحق من المنفعة؛ كما لو اكترى داراً سنة، فسكنها بعض السنة، ثم غصبت.
والثاني: يلزمه جميع الأجرة، لأنه استوفى جميع المعقود عليه ناقصاً بالعيب؛ كما لو اشترى عبداً، فسقطت يده في يد البائع، ورضي به المشتري: يلزمه جميع الثمن.
ولو هدم المستأجر الدار، أو قتل الدابة، أو أتلف العين: فهو كما لو هدمها أو قتلها الآخر، أو انهدمت وماتت الدابة بنفسها في أنه ينفسخ العقد في المدة الباقية، ولا يتقرر عليه الأجرة، بل عليه قيمة العين؛ بخلاف ما لو أهلك المشتري المبيع قبل القبض: يجعل قابضاً، وعليه تمام الثمن؛ لأن البيع ورد على العين، وقد أتلفها، والإجارة وردت على المنفعة، وهي معدومة لا تصير موجودة بالإتلاف.
وقال ابن أبي هريرة: إذا أتلفه المستأجر: يستقر عليه جميع المسمى؛ كما لو قتل المبيع.
والأول المذهب، حتى لو عيب المستأجر العين، أو كانت طاحونة فقطع المستأجر النقير، أو كان عبداً فجرحه، أو داراً فكسر منه دعامة: يثبت له الخيار في فسخ العقد؛ كما لو تعيب بنفسه.

الصفحة 436