كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

خمرًا يوم البيع, وقال الرَّاهن: بل كان عصيرًا فتَخَمَّرَ عندك, فهذا يبنى على أن فَسَادَ الرهن, هل يوجب فَسَادَ البيعِ؟ وفيه قولان:
إن قلنا: يوجب فساده, فالقولُ قولُ المرتهن مع يمينه؛ لأنه يُنكِرُ البَيْعَ, والأصلُ عدمه.
وإن قلنا: لا يوجب فساد البيع, فالقولُ قولُ مَنْ يكونُ؟ فعلى قولين.
وكذلك لو رَهَنَةُ عبدًا فسلمه مَلْفوفًا فى ثوب فوجده ميتًا, واختلفا, فقال [له] الراهن: ماتَ عندك.
وقال المرتهن: بل كان ميتًا- ففيه قولان, خرّجه القاضى حسين, وعلى هذا, لو باع لَبنا فى إناء, فبقى عند البائع ليلة, ثم أتى المشترى بإناء فَصَبَّ فيه, فعلتْهُ فأرةٌ ميتةٌ.
واختلفا؛ فقال البائع: كانت فى إنائك فَعَلتْ. وقال المشترى: بل كانت فيه عندك, نظر: إن قال: كانت فيه وقت العقد, فالقولُ قول المشترى مع يمينه؛ لأنه ينكرُ البيعَ.
وإن قال: وقعت فيه بعد البيعِ عندك, فالقولُ قولُ من؟
فعلى هذين القولين.
فَصلٌ
إذا رَهَنَ نخلةٌ مثمرةٌ؛ نظر: إن كان بعد تأبير الثَّمرةِ- فالثمرة لا تدخلُ فى مطلق الرَّهن؛ كما لا تدخل فى مُطلق البيعِ. وإن كانت الثمرة طُلعا, ففيه قولان:
أحدهما: يدخل فى الرَّهن كما يدخُلُ فى البيع.
والثانى- وهو الأصحُ: لا يدخل؛ لأن الرَّهن [ضعيف] لا يزيل الملك, فلا يستنبع الثمرة, بخلاف البيع؛ بدليل أن ما خَرَّج من الثمار بعد الرَّهن لا يكون مرهونًا, وما يخرج بعد البيعِ يكون للمشترى وكذلك حكم الهِبَةِ.
ولو رهن حيوانًا حاملًا, فوضعت الحَمل, فالولدُ هل يكون رهنًا؟ فيه قولان:
أحدهما: بلى؛ كما لو باعها يدخلُ الولدُ فى البيع.
والثانى: لا؛ كالولد الحَادِثِ من بعده.
ولو رهن شاةً, وفى ضَرعِها لَبنٌ, لا يدخل اللبنُ فى الرَّهنِ, وإن كان على ظهرها

الصفحة 45