كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وعند أبي حنيفة- رحمه الله تعالى: إذا أركب الدابة من هو مثله، أو ألبس الثوب: ضمن، ووافق في الدار.
ولو اكترى داراً للسكنى: جاز أن يضع فيها متاعه، ولا يجوز أن يربط فيها الدواب، ولا أن يطرح في أصل حيطانها التراب والرماد؛ لأنه غير متعارف في السكنى.
وهل يجوز أن يطرح فيها ما يسرع إليه الفساد؟ فيه وجهان:
أصحهما: يجوز؛ لأن طرح المطعومات متعارف في سكنى الدار، ويسرع إليه الفساد.
ولو استأجر ثوباً ليلبسه، فنام فيه بالليل: ضمن، ولو قال فيه بالنهار: لم يضمن؛ لأن العادة جرت أن الناس يقيلون في الثياب، ولو اتزر به: ضمن، ولو ارتدى: لم يضمن، لأن الاتزار أضر بالثوب من اللبس.
ولو اكترى دابة ليحمل عليها مائة من من حديد، فحمل عليهامائة من من التبن أو القطن: ضمن؛ لأن القطن يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما يأخذ الحديد، ولو اكترى ليحمل عليها مائة من من القطن، فحمل مائة من من الحديد: ضمن؛ لأن الحديد يجتمع على موضع واحد من ظهر الدابة؛ [فيدقته].
وكذلك: لو اكترى ليحمل عليها مائة من من الحنطة، فحمل مائة من من الشعير، أو على عكسه: ضمن؛ لأن الشعير أخف؛ فيأخذ من ظهر الدابة أكثر.
أما إذا اكترى ليحمل عليها عشرة أقفزة من الحنطة، فحمل عليها عشرة أقفزة من الشعير: لم يضمن؛ لأنهما في الخفة سواء والشعير أخف وعلى عكسه: لو اكترى أن يحمل عليها عشرة أقفزة من الشعير، فحمل عليها عشرة أقفزة من الحنطة: ضمن؛ لأن الحنطة أكثر.
ولو اكترى للركوب فحمل، أو للحمل فركب: يضمن؛ لأنه إذا اكترى للركوب فحمل: فالراب يعين الدابة بحركته، والحمل لا يعينها، وإذا اكترى للحمل فركب: فالحمل يتفرق على جنبي الدابة، والراكب يلزم مكاناً واحداً، ففي كل واحد ضرر ليس في الآخر؛ فيضمن في الحالين.
ولو اكترى ليركبها بسرج، فركبها عرياناً، أو ليركب عرياناً فركب بسرج: ضمن؛ لأن ركوبه عرياناً أضر بالدابة، وفي ركوبه بالسرج حمل زيادة متاع عليها.

الصفحة 451