كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

والثاني: عليه الثلث؛ لأن الرجال لا يوزنون؛ فيوزع الضمان على عدد رءوسهم.
والثالث: يوزع على أوزانهم؛ فيجب عليه حصته بالوزن.
ولو غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر: لا يجبر الآجر على انتزاعها من يد الغاصب؛ بل إذا كان العقد على موصوف في الذمة: يطالب الآجر بإقامة غيرها مقامها، وإن كان على العين: فللمستأجر أن يفسخ العقد، ويجب على الغاصب كراء المثل للمالك لا للمستأجر، وإن كان للمستأجر؛ لأن من استهلك المنفعة: يجب عليه العوض لمالك العين؛ كمن وطئ أمة مزوجة بالشبهة: يجب على الواطئ المهر للسيد لا للزوج الذي هو مالك منفعة البضع، ويجب على المستأجر من المسمى بقدر ما انتفع بها، ويسقط بقدر ما كان في يد الغاصب، وإذا غصبت الدار المكراة أو العين المستأجرة: فالخصومة للمكري؛ لأنه مالك العين، وهل للمستأجر أن يخاصم لأجل المنفعة؟ وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه ليس بمالك العين؛ كما لو غصب الرهن أو الوديعة لم يكن للمرتهن ولا للمودع أن يخاصم الغاصب.
والثاني: له ذلك؛ لأنه يقول: هذه المنفعة لي، وأنت تستوفيها ظلماً.
ولو استأجر داراً إجارة صحيحة، ثم أجرها من غيره إجارة فاسدة: يجب على الأول المسمى للمالك، وعلى الثاني أجر المثل للأول؛ بخلاف الغاصب: يجب عليه أجر المثل للمالك؛ لأن في الإجارة الفاسدة: وجد التسليط من جهة المستأجر على استيفاء المنفعة التي هي حقه.
ولو أجر عيناً، ثم أقر الآجر [به] لآخر، هل يقبل؟ فيه قولان؛ بناءً على ما لو رهن شيئاً، ثم أقر به لآخر، هل يقبل به؟ فيه قولان؛ سواء كانت العين في يد المستأجر، أو غصبها غاصب، فأقر بها للغاصب أو لغيره.
فمن أصحابنا من قال: إن أقر قبل أن غصب: لا يُقبل؛ لأن المنافع تحدث على ملك المستأجر في يده، وإن أقر بعد ما غصب: يُقبل [لأن] ما حدث في يد الغاصب من المنفعة: يحدث للمالك.
وإذا استأجر داراً أو عيناً مدة: فإن لم يسلمها الآجر إليه حتى مضت المدة:

الصفحة 454