كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

يستقر عليه العوض، إذا مضى زمان إمكان الاستيفاء، وفي الفاسد: لا يكون قبضاً؛ لأن التسليم في الصحيح واجب، وأجري عليه حكم القبض.
فصلٌ
إذا أجر شيئاً: يجب على الآجر ما يحتاج إليه للتمكين من الانتفاع من تسليم مفتاح الدار وزمام الجمل والبرة التي في أنفه ولجام الفرس، فإن تلف شيء منه في يد المكتري: لا يجب عليه ضمان؛ كما لا يجب ضمان العين المستأجرة، وعلى المكري بدله.
ولو أجر داره، فانكسرت فيها دعامة، أو انهدمت، أو خرب ميزاب، أو انغلق باب، فإصلاحه على المكري، ونعني بقولنا: إنه على المكري: أنه إن بادر المكري إلى إصلاحه: فلا خيار للمكتري، وإن لم يصلحه: فلا يجبر عليه؛ لكن يثبت للمكتري حق الفسخ؛ وكذلك: تطيين السطح وكسح الثلج، فإن فعله المكري؛ وإلا يثبت للمكتري الفسخ، إن ظهر من تركه ذلك.
أما نصب باب جديد، أو إحداث ميزاب: فليس على المكري إلاأن يخل بالانتفاع، فيكون كعيب بالدار، يثبت للمكتري الخيار، وعلى المكري أن يسلم الدار فارغة الحش؛ فإن كان الحش ممتلئاً، أو أجر حماماً، والموضع الذي تجري فيه الغسالة منسد- يثبت للمستأجر الخيار، ولو امتلأ أو انسد في خلال المدة: فهل على الآجر تنقيته؟ فيه وجهان:
أحدهما: عليه؛ فإن لم يفعل: فللمكتري الخيار.
والثاني: يكون على المستأجر إن أراد الانتفاع؛ لأنه قد حصل بفعله؛ كتنظيف الدار من القمامة، وكذلك: نقل رماد الحمام الذي اجتمع في خلال المدة.
أما بعد مضي المدة: لا يجب على المستأجر تنقية البالوعة، ولا نقل الرماد، ويجب نقل القمامة؛ لأنها ليست من ضرورة الإجارة، وهل يجب على المستأجر رد العين بعد مضي المدة، واستيفاء المنفعة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجب؛ بل عليه التخلية بعد الطلب، والمؤنة على الآجر؛ كما لا يجب على المودع مؤنة رد الوديعة.
والثاني: يجب عليه مؤنة الرد؛ لأنه أخذه لمنفعة نفسه؛ كالعارية: يجب على المستعير مؤنة ردها.

الصفحة 456