كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

الدابة، ويتعهدها: فإن كان المكتري مريضاً، أو شيخاً كبيراً، أو سميناً، أو امرأة: ينيخ له البعير، وينزله ويركبه، فإن كان قوياً يمكنه ركوب البعير قائماً: لا يلزمه أن ينيخ له البعير، فإن كان قوياً، فمرض وضعف: يجب أن ينيخ له، وإن كان ضعيفاً، فقوي- لا يجب، فإن ينظر احتاج إلى إعانة: أعانه.
وإن اكترى ما في الذمة للحمل: فعلى المكري شد المحمل على البعير، وحله وحطه ورفعه، وأما شد أحد المحملين بالآخر: ففيه وجهان:
أحدهما: على المكري؛ لأنه من الحمولة.
والثاني: على المكتري؛ لأنه بمنزلة تأليف المحمل، وضم أجزائه بعضها إلى بعض، وإذا نزل لقضاء حاجة أو لأداء فريضة، أو ما لابد مما لا يمكن فعله على الدابة: عليه أن ينتظره من غير استعجال، ولا يطول المنازل، بل على الوسط، ولا يلزمه قصر الصلاة، ولا ينتظره للناقلة ولا للأكل والشرب؛ لأنه يمكن فعلها على الدابة.
وإذا اختلفا في الرحل: رحل لا مكبوباً ولا مستلقياً، والمكبوب: أن يكون مؤخر الرحل أعلى؛ فهو أيسر على الدابة وأشق على الراكب، والمستلقى عكسه.
وإذا اكترى دابة إلى بلد: يجب أن يبين مسير كل يوم بالفراسخ، ثم يسيران على الشرط؛ فإن شرطا لكل يوم عشرة فراسخ، فسار في كل يوم أكثر أو أقل: فلا تجبر الزيادة بالنقصان، ويسيران بعده على الشرط، وإن لم يبينا- نظر: إن كانت منازل ذلك الطريق معلومة: صح العقد، وينزلان عليها، فأيهما أراد المجاوزة عنها أو النزول دونها: فلآخر ألا يرضى، وإن كانت منازلها مختلفة: لا يصح حتى يبينا، وإن لم يكن فيها منازل: يجب أن يبينا بالفراسخ، ثم إذا أراد أحدهما المجاوزة عنها، أو النزول دونها؛ لخوف أو لخصب: لم يكن له ذلك، إلا أن يوافقه صاحبه.
ولو اختلفا في السير؛ فقال المكري: نسير بالليل؛ فإنه أخف على الجمال؛ فلا يصيبها الحر، وقال المكتري بل نسير بالنهار؛ فإنه آمن: لا ينظر إلى قول واحد منهما، بل يسيران على عادة الناس في مسير ذلك الطريق من ليل أو نهار، وإن كانت العادة في ذلك الطريق النزول للرواح: ففيه وجهان:
أحدهما: يكون النزول على العادة؛ لأن المتعارف؛ كالمشروط.
والثاني: لا يلزم؛ لأنه اكترى للركوب في جميع الطريق؛ فلا يلزمه تركه في بعضه.

الصفحة 461