كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

إن كان ذلك في طريق، فيه عادة في الركوب والنزول؛ بأن كان يركب أحدهما يوماً، ثم ينزل، ويركب الآخر، أو يركب أحدهما ميلاً؛ ثم ينزل: فيحمل إطلاق العقد على العادة، ولا ينظر إلى اختلافهما في أنهما كيف يركبان، وإن لم يكن فيه عادة: لم يصح حتى يبين مقدار ما يركب كل واحد منهما، وإن اختلف في البادئ بالركوب: يقرع بينهما.
وإذا استأجر رجلاً ليعمل مدة: يكون زمان الطهارة والصلوات بفرائضها وسننها- مستثنى من العمل، ولا ينقص من الأجر شيء، وإن كان ذلك من عمل النهار: يترك بالليل للاستراحة، وإن كان من عمل الليل؛ كالحراسة ونحوها: تُرك بالنهار، وإن استأجره للقيام على ضيعة، لينظرها: قام عليها ليلاً ونهاراً على ما وسعه.
وإن استأجر عبداً؛ للخدمة: ذكر وقت الخدمة من الليل والنهار؛ فإن لم يذكر: جاز، ولزمه على ما جرت به العادة من نخدمة العبيد لساداتهم؛ كما ذكرنا في ذكر العقد: يحمل على العادة.
فصلٌ
إذا أجر عبداً، أو أكرى دابة: تكون نفقة العبد وعلف الدابة على المكري؛ فإذا اكترى جملاً، فهرب الجمال- لا يخلو: إما إن ذهب بالجمل، أو ترك الجمل: فإن ذهب بالجمل- نظر: إن كانت الإجارة في الذمة: يكتري عليه الحاكم من ماله جملاً يركبه المستأجر، وإن كان قد اكترى عين الجمل: فللمكتري فسخ العقد؛ كما ذكرنا في هرب الدابة.
وإن هرب، وترك الجمل: فإن تبرع المكتري بالإنفاق عليه؛ وإلا رفع الأمر إلى الحاكم حتى ينفق عليه من مال المكري، إن وجد له مالاً، وإن لم يجد: يستدين عليه من إنسان أو من بيت المال، أو من المكتري، ثم إن ائتمن المكتري: سلم إليه حتى ينفق عليه، وإن لم يأتمنه: دفع إلى أمين ينفق عليه، وإن أدى اجتهاده إلى أن يبيع جزءاً من الجمل: باع منه بقدر الحاجة، ولا يبنى على قولي بيع المؤاجر؛ لأنه موضع ضرورة، ويبقى في يد المستأجر إلى انقضاء مدته، ومع وجود مال آخر للجمال: لا يبيع لحق المستأجر.
وإن أنفق المكتري من مال نفسه؛ ليرجع- نُظر: إن فعل بأمر الحاكم: هل يرجع؟ فيه قولان:

الصفحة 464