كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

أن يفصل بين أن يكون التلف بآفة سماوية أو بفعل مأذون فيه فلا.
وإن كان الأجير منفرداً، وهو الذي يعمل له، ولا يعمل لغيره؛ بأن يستأجره مدة معلومة لقصارة، أو رعي: فلا يمكنه قبول ذلك العمل لغيره في تلك المدة: فهل يلزمه الضمان؟ اختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: فيه قولان؛ كالأجير المشترك، وهو ظاهر النص.
ومنهم من قال: لا يضمن قولاً واحداً.
والفرق بين المنفرد والمشترك: أن المنفرد ملك المستأجر منافعه في تلك المدة على الاختصاص؛ فصار يده يد المستأجر؛ كالوكيل؛ بخلاف المشترك والمنفرد: يستحق الأجرة بتسليم النفس، ومضي إمكان الفعل، وإن لم يعمل، والمشترك: لا يستحق إلا بالعمل، فإن قلنا: يضمن: فأي ضمان يلزهم؟ فيه وجهان:
أحدهما: أكثر ما كانت قيمته من يوم [قبض إلى أن] هلك؛ كالمغصوب.
والثاني: باعتبار يوم التلف.
وإن قلنا: لا يجب الضمان: فإن تعدى: يجب الضمان مثل: إن استأجر أجيراً؛ ليخبز له في تنور، فخبز في وقت لا يخبز فيه لشدة حموه، أو ترك فيه فوق العادة، فاحترق: يجب الضمان.
ولو عمل عملاً، فتلف، واختلفا، فقال الأجير: لم أخرج عن العادة، وقال المستأجر: بل تعديت: يسأل عدلان من أهل [تلك] الصناعة: فإن قالا: لم يخرج عن العادة: لم يضمن، وإلا ضمن؛ فإن لم يوجد من يرجع إليه: فالقول قول الأجير مع يمينه؛ لأن الأصل براءته عن الضمان.
ولو اكترى دابة، فضربها، أو لجمها باللجام، فهلكت: لا ضمان عليه، إن لم يخرج عن العادة، وإن خرج- ضمن، وكذلك: الرائض إذا ضرب الدابة.
وضرب الرواض يكون أشد من ضرب المكاري: فإن خرج عن عادة الرواض في الضرب: ضمن، وإن لم يخرج: لا يضمن على قولنا: إن الأجير لا يضمن.

الصفحة 467