كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

والأصح: أنه لا يجوز؛ لأن ضررهما مختلف: ضرر الغراس في باطن الأرض، وضرر البناء على ظاهرها.
ولو قال: ازرعها، أو اغرسها ما شئت: نص على أن الكراء جائز.
قال المزني- رحمه الله-: لا يجوز؛ لأنه لم يبين، كم يغرس وكم يزرع؟
قلنا: صورة مسألة الشافعي- رضي الله عنه- أن يقول: ازرع إن شئت، واغرس إن شئت، فوض إليه زرع جميعها، أو غرس جميعها؛ فيصح.
ثم إذا غرس، فبعد مضي المدة: يتخير المالك بين الأشياء الثلاثة.
أما إذا قال: ازرع واغرس: فيه وجهان:
أحدهما: يصح، ويغرس النصف، ويزرع النصف.
والثاني- وهو الأصح: لا يصح؛ لأنه لم يبين، كم يغرس؟ وكم يزرع؟ حتى قال الشيخ القفال: لو صرح، فقال: ازرع النصف، واغرس النصف: لا يصح أيضاً؛ لأنه لم يبين أي النصفين يغرس؛ كما لو قال: بعتك هذين العبدين: أحدهما بألف، والآخر: بخمسمائة ولم يبين: لا يصح.
ولو اكترى أرضاً، فزرعها: يجب على المكتري الكراء، أو عشر الزرع.
وعند أبي حنيفة: لا يجب على المكتري الكراء، أما العشر فعلى الآجر.
قلنا: العشر حق الزرع، لقوله سبحانه وتعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، وزكاة المال: تكون على مالك المال، لا على غيره، والله أعلم.

الصفحة 487