كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وإن أمكن تجفيفها ينظر: فإن كان بعد بُدُوِّ الصَّلاح- يجوزُ مطلقًا, وإن كان قبل بُدُوِّ الصَّلاحِ هل يحتاجُ إلى شَرْطِ القطْعِ؟:
فيه قولان:
أحدهما: بلى؛ كما لو باعها, لا يجوز إلا بشرط القطْعِ.
والثانى: لا يَحتاجُ؛ لأن بِتَلَفِها لا يبطُل حقُّ المرتهن, وفى البيع يبطل حقُّ المشترى بتلفِها.
فإن قلنا: لا يحتاج إلى شَرطِ القطع وهو الأصحُّ, أو كان بعد بُدُوِّ الصَّلاحِ, فذلك إذا كان الحقُّ حالًا؛ فيؤمر ببيعه.
أو كان الحقُّ مؤجلًا, ويحلُّ الأجل مع بلوغ الثمرة أوان الجِذاذِ, أو يحل بعد بلوغه أوانَ الجِذاذِ؛ فإن كان يحلُّ قبل بلوغه أوانَ الجِذاذِ, فإن شَرَطَ قَطْعَها عند المحلِّ- جاز.
وإن أطلق فقولان:
أصحهما: لا يصح؛ لأن العادة فى الثمار التبقية إلى أوان الجِذاذ ومطلق العقد, يُحْمَلُ على العادَةِ.
فإذا أطلق يصير كأنه رهن على ألا يبيعه عند المَحِلِّ, إن امتنع الراهنُ من فَكَّهِ, فيصير كأنه شرط بيعه؛ كما لو رهنه بِدَيْنٍ حالِّ.
ولو رهن زرعًا بَقْلًا فى الأرض, فهو كرهن الثمرة على الشجرة قبل بُدُوِّ الصَّلَاحِ, فيصح, وهل يحتاجُ إلى شَرْطِ القطعِ؟
فيه قولان: هذا هو المذهب.
وقال صاحب (التلخيص): لا يجوز رهنُ الزرع البقل بِحقِّ مُؤجَّل, وإن شرط القطع عند المَحِلِّ قولًا واحدًا, بخلاف الثمرة؛ لأن زيادة الثمرة فى عظم الجثة فيتبع الرَّهن, كَسَمنِ الدابة, وكبر الودِىِّ, فجاز.
وزيادة الزرع بالطول, فهو كثمرة أخرى تخرج, فيختلط بالمرهونِ ولا يتميز؛ ولأن للزرع حالةٌ لا يجوز بيعه فيها, وهو إذا تَسَنْبَل, فربما يصادف حُلولُ الحقِّ تلك الحَالَةَ.
أما إذا رَهَن الزرع بعد اشتداد الحَبِّ, فإن كان زَرعًا تُرى حباته فى السنبلةِ- جاز رهنُه.

الصفحة 49