كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ولو أراد غيره أن يسقي زرعه له منعه؛ لأن حرمة الحيوان أعظم، فإذا فارق هو ذلك المكان: لم يكن له منع الغير عن ذلك الماء، والارتفاق به؛ كمن نزل على ماء مباح: كان أولى به، فإذا فارقه: لم يكن له منع الغير.
أما إذا حفر بئراً في الموات للتملك أو نبع من ملكه عين ماء: لا يجب عليه أن يسقي من فضله، زرع الغير، سواء قلنا: يملك الماء أو لا يملك.
ويجب أن يسقي ماشية الغير مما فضل منه، فإن لم يفعل: عصى الله تعالى؛ للحديث، وقال أبو عبيد بن حريويه: لا يجب، بل يستحب كما لا يجب بذله للزرع، ولا بذل الحبل والرشاء للاستقاء، وكما لا يجب بذل الكلأ؛ والأول أصح، وليس كالكلأ؛ لأنه لا يستخلف عقيب الأخذ؛ فربما يحتاج إليه المالك لماشيته قبل أن يستخلف، والماء مستخلف عقيب الأخذ، ويجب أن يسقي الماشية مجاناً لا يجوز أخذ العوض عليه؛ لما روي عن جابر؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن بيع فضل الماء".

الصفحة 506