كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

الثمرة" فإذا قال: وقفت داري على الفقراء، أو: حبست أو: سبلت، أو: داري هذه موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو حبس ثم الوقف.
ولفظ "الصدقة" كناية، لأنه يستعمل في غير الوقف؛ فلا يحصل الوقف بقوله: تصدقت؛ حتى ينوي، أو يقول: صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو صدقة مؤبدة، أو محرمة، أو صدقة لا تُباع، ولا توهب، ولا تورث؛ لأن هذه اللفظة مع هذه القرائن: لا تحتمل إلا الوقف.
أما لفظ "التأبيد" و"التحريم" بأن يقول: حرمت هذه الدار، أو: أبدت، أو: داري هذه محرمة مؤبدة-[هل يكون صريحاً في الوقف؟ فيه وجهان:
أحدهما]: يكون صريحاً؛ كما لو قال: صدقة محرمة أو مؤبدة.
والثاني: لا يكون صريحاً إلا بإحدى القرائن؛ لأنه لم تثبت في عرف الشرع، ولا في عرف اللغة.
ولا يحصل الوقف إلا باللفظ؛ فإن من بنى مسجداً، أو صلى فيه، أو أذن للناس بالصلاة فيه، أو جعل أرضاً مقبرة وأذن للناس بالدفن فيها: لا يحصل الوقف؛ كما لا يحصل العتق إلا باللفظ.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: إذا أذن للناس بالصلاة في المسجد، أو بالدفن في الأرض، فدفن واحد: زال ملكه، ويلزم الوقف بنفسه من غير تسليم، ولا قضاء قاض.
ولا يجوز بيعه ولا هبته.
ولا يجري فيه الإرث، ولا يجوز تغييره عن شرط الواقف؛ فتكون منفعة الوقف للموقوف عليه؛ فيبذل من غلته لعمارته، شرط الواقف أو لم يشرط؛ لأنه لا يبقى من غير عمارة، ثم يصرف الفضل إلى الموقوف عليه.
ورقبة الوقف لمن تكون؟ فيه أقوال:
أصحها: وهو المذهب: زوال الملك عنه إلى الله تعالى؛ كما في العتق: يزول الملك عن رقبة العبد إلى الله تعالى، والمنفعة للعتيق.
والاثني: الملك للموقوف عليه؛ لأن العقد ورد على رقبة المال، فيوجب زوال ملكه؛ كما لو باعه.

الصفحة 516