كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

أحدها: يجب في بيت المال؛ لأنه ليس بملك لأحد.
والثاني: تكون من كسبه؛ لأنه كان في محلة الرقبة، والكسب مستفاد منها.
والثالث: وهو قول أبي إسحاق، وهو الأصح: يكون على الواقف؛ لأنه منع من بيعها بالوقف؛ كما لو جنت أم الولد: يجب على السيد أرش الجناية؛ لأنه منع من بيعها بالاستيلاد.
ولو قتل العبد الموقوف- ينظر: إن قتله أجنبي أو الواقف: يؤخذ منه قيمته، ويشترى بها عبداً آخر يوقف مكانه، على الأقوال كلها.
وقيل: إذا قلنا: الملك في رقبته للموقوف عليه: تكون القيمة له ملكاً؛ كالكسب، وليس بصحيح؛ لأنه تعلق به حق البطن الثاني؛ فلا يجوز إبطاله وإن قتله الموقوف عليه: إن قلنا: إذا قتله أجنبي تكون القيمة له: فلا تجب عليه القيمة، وإن قلنا: يشتري بها عبداً آخر: فتؤخذ منه القيمة، ويشتري عبداً آخر؛ فيوقف مكانه؛ وهو المذهب.
ولو قطع طرف منه: ففي الأرش وجهان:
أحدهما: يكون للموقوف عليه، كالكسب.
والثاني: وهو كالأصل: يشتري به شقص عبد، فيوقف، وهل يجوز تزويج الجارية الموقوفة؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه عقد على منفعتها؛ كما يجزو إجارتها.
والثاني: لا يجوز، لأن التزويج ينقص قيمتها؛ فربما تحبل، فتهلك في الولادة، فيدخل الضرر على من بعدها، وإن جوزنا تزويجها، فمن يزوجها؟
إن قلنا: الملك فيها للموقوف عليه: ينفرد هو بتزويجها، وإن قلنا: للواقف: زوجها الواقف بإذن الموقوف عليه، وإن قلنا: زال إلى الله تعالى: زوجها الحاكم بإذن الموقوف عليه، وشرطنا إذن الموقوف عليه؛ لأن له حقاً في منافعها، ويكون المهر للموقوف عليه؛ على الأقوال كلها؛ كالكسب.
وإذا أتت بولد من زوج أو زنا، وكان الموقوف بهيمة، فولدت: ففي الولد وجهان:
أحدهما: يكون للموقوف عليه ملكاً؛ لأنه من منافعها؛ كالكسب، ولبن البهيمة وصوفها كله يكون للموقوف عليه.
والثاني: الولد يكون وقفاً، كالأم وولد أم الولد يكون في معنى الأم.

الصفحة 518