كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

ولا يجوز وطء الجارية الموقوفة لا للواقف، ولا للموقوف عليه، كما لا يجوز للأجنبي، لأنه ليس لهما حقيقة ملك، فلو وطئت الجارية الموقوفة- نُظر: إن وطئها أجنبي: عليه الحد، إن كان عالماً؛ كما لو وطأ جارية الغير، والولد رقيق؛ كما ذكرنا.
وإن وطئها بشبهة: فلا حد، ويجب المهر، ويكون للموقوف عليه؛ كالكسب، فإن استولدها: فالولد حر، وعليه قيمته، ثم إن جعلنا الولد كالكسب: تكون القيمة للموقوف: [عليه]، وإن جعلناه كالأم: يشتري بتلك القيمة عبد، فيوقف.
ولو وطئها الموقوف عليه عالماً: فقد قيل: لا حد عليه؛ لأنه يملكها في قول، وفي قول: له شبهة الملك.
والصحيح: أنه يبنى على أقوال الملك: إن قلنا: الملك له: لا حد عليه؛ وإلا فيجب؛ لأن ملك المنفعة لا يوجب سقوط الحد؛ كما لو استأجر جارية لعمل، فوطئها: يجب الحد، ولا مهر، وإذا استولدها: فالولد رقيق: ملك أو وقف؛ على اختلاف الوجهين، وإن وطئها بالشبهة: فلا حد ولا مهر عليه؛ لأن المهر بمنزلة الكسب، وكسبها له، فإن استولدها: يكون الولد حراً، وهل تؤخذ قيمته؟ إن قلنا: الولد كالكسب: لا يؤخذ، وإن قلنا: بمنزلة الأم: تؤخذ قيمته فيشتري به عبد آخر، فيوقف، وإن جعلنا الملك للموقوف عليه: يصير أم ولد له، يعتق بموته، ثم يكون كفيلها، وتؤخذ القيمة من تركته، فيشتري جارية أخرى توقف.
وإن وطئها الواقف عالماً: إن قلنا: الملك له: لا حد عليه، وعليه المهر للموقوف عليه، وإن استولدها تصير أم ولد له، تعتق بموته، فتؤخذ القيمة من تركته؛ فيشتري بها جارية أخرى، فتوقف عليه، وإن قلنا: ليس الملك له: عليه الحد، والمهر، وإذا استولدها: فالولد رقيق: وقف، أو ملك؛ على اختلاف الوجهين، ولا تصير الجارية أم ولد له، وإن وطئها جاهلاً: فلا حد، وإذا استولدها: فالولد حر ثابت النسب، وعليه قيمته، ويكون ملكاً للموقوف عليه، أو يشتري بها عبداً، فيوقف؛ على اختلاف الوجهين، وإن جعلنا الملك للواقف: تصير الجارية أم ولد له، تعتق بموته؛ فتؤخذ القيمة من تركته، فيشتري بها جارية توقف.
ولو أعتق العبد الموقوف: لا يعتق على الأقوال كلها، سواء أعتقه الواقف أو الموقوف عليه؛ لأنا- وإن قلنا: الملك لأحدهما- فهو ملك ضعيف.

الصفحة 519