كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

لم يكن له أن يغرمه القيمة، وإن تغير بزيادة- نظر:
إن كانت الزيادة متصلة؛ مثل سمن الدابة، وكبر الودي، وتعلم الحرفة في العبد: فله أن يرجع فيه مع الزيادة، وإن كانت منفصلة؛ كالولد والكسب وثمرة الشجرة: فله أن يرجع في الأصل، وتبقى الزيادة للابن.
ولو وهب من ولده جارية أو شاة حاملاً، فرجع، وهي حامل بذلك الولد، فله أن يرجع فيها حاملاً، ولو وهبها حاملاً، فوضعت: له الرجوع في الأم، وهل له أخذ الولد؟ فيه قولان:
إن قلنا: الحمل يعرف: فله أخذ الولد؛ كما لو وهب منه شيئين؛ فله أن يرجع فيهما جميعاً، وإن قلنا: الحمل لا يعرف: فليس له أخذ الولد؛ كما لو وهبها حاملاً، فولدت: أخذ الأم دون الولد، ولو وهبها حاملاً، فولدت: فإن قلنا: الحمل لا يعرف: فله أن يأخذها حاملاً، وإن قلنا: الحمل يعرف: فالولد للابن، وهل للأب أن يرجع في الأم أم يصبر حتى يوضع الحمل؟ فيه وجهان:
ولو وهب منه عصيراً، وتخمر، ثم تخلل: له أن يرجع؛ لأن ملكه- وإن زال بالتخمر- فقد عاد الملك الأول بالتخلل؛ بدليل أنه لو رهن عصيراً؛ فتخمر، ثم تخلل: عاد رهناً، ولو وهب حنطة، فبذرها الابن، فنبتت، أو بيضة، فصارت فرخاً: فلا رجوع له.
قال الشيخ- رحمه الله-: هذا يبنى على أنه هل يجب على الغاصب البدل أم لا؟ إن لم نوجب البدل على الغاصب: جعلنا عين ماله قائمة: فله الرجوع فيها، وإن أوجبنا البدل: إن جعلناها هالكة: فلا رجوع له ههنا- وإن كان الموهوب ثوباً، فصبغه الابن: فللأب أن يرجع فيه، ويكون الابن شريكاً معه فيه، وإن كان قصره، أو كان غزلاً، فنسجه، أو حنطة، فطحنها: رجع فيه الأب.
قال الشيخ- رحمه الله-: وهل يكون الابن شريكاً فيه؟ إن زادت قيمته، وجعلنا فعله عيناً: يكون شريكاً فيه؛ وإلا فلا؛ كما في الإفلاس، وإن كان الموهوب أرضاً، فغرس، أو بنى فيها الابن: فللأب الرجوع في الأرض، ولا حق له في الغراس والبناء؛ كما ذكرنا في "التفليس"؛ وكل موضع أثبتنا الرجوع، فيحصل الرجوع بقوله: رجعت أو أبطلت الهبة، فلو لم يرجع صريحاً؛ لكن باعه من آخر، ووهبه: فهل يكون رجوعاً؟ فيه وجهان:

الصفحة 542