كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

المساجد لم تبن لهذا" ويكون أكثر تعريفه حيث وجده وحواليه؛ لأن صاحبه يطلبه حيث ضاع منه، ولا يحسب التعريف بالليالي؛ لأنها وقت تفرق الناس، ولا يجب المداومة على التعريف أناء الليل والنهار؛ بل على العادة في الأسبوع الأول في كل يوم مرتين طرفي النهار، ثم في كل يوم مرة، ثم في كل أسبوع مرة، وهل يشترط الموالاة في التعريف، أو يجوز متفرقاً؛ مثل: أن عرف اثني عشر شهراً في اثني عشر سنة؟ فيه وجهان:
أصحهما: يجوز متفرقاً؛ [كمن نذر صوم سنة: يجوز أن يصومها متفرقاً.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه إذا فرق وامتدت المدة: لا يظهر أثره، فعلى هذا: إذا] قطع: يجب أن يستأنف تعريف سنة.
ويقول في التعريف: من ضاع له شيء.
ولا بأس من ذكر جنسه، فيقول: من ضلت له دراهم أو دنانير، ولا يذكر وصفها حتى لا يضبطها رجل، فيدعيها كذباً: فإن ذكر وصفها وقدرها في التعريف: هل يضمن؟ فيه وجهان:
أحدمها: لا يضمن؛ لأنه لا يجب عليه الدفع إلى من يدعيه بمجرد الوصف.
والثاني: يضمن؛ لأنه لا يؤمن من أن يدعيه رجل بتلك الصفة، فيدفعه إلى من يلزمه الدفع إليه.
ثم إن لم يتبرع الملتقط بالتعريف: فعلى من تجب الأجرة؟ نظر: إن أخذها ليحفظها للمالك: فعلى المالك، وإن أخذها للتملك بعد التعريف: فإذا مضت المدة وتملك: فعلى الملتقط، وإن ظهر المالك قبل التملك: ففيه وجهان:
أحدهما: على الملتقط؛ لأنه قصد بالتعريف التملك؛ فكان تعريفه لنفسه.
والثاني: على المالك؛ لأنه بان أن التعريف وقع له، وإن كانت اللقطة شيئاً يسيراً: هل يجب تعريفها نظر: إن كان شيئاً لا يطلب كالتمرة واللقمة: فلا يعرفه؛ لما روي عن أنس- رضي الله عنه- قال: مر النبي- عليه السلام- على تمرة في الطريق، فقال: "لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة: لأكلتها".
وإن كانت مما يطلب؛ لكنه قليل: فيه وجهان:

الصفحة 549