كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

إذا جاء رجل يدعي اللقطة أنها له: فإن لم يصفها: لا تسلم إليه، فإن وصفها: فإن لم يقع في قلبه صدقه: لا يجوز الدفع إليه إلا ببينة يقيمها، وإن وقع في قلبه صدقه: يجوز أن يدفع إليه، ولكن لا يجب إلا ببينة؛ لأنه لا يأمن أن يدعيها غيره ويقيم البينة، فيلزمه الضمان.
وعند أحمد وبعض أهل الحديث- رحمة الله عليهم-: يجب أن يدفع إليه بالوصف.
فلو ادعى المدعي على الملتقط أنك تعلم أنها ملكي أو ادعى مطلقاً: أنها ملكي مع إقراره باللقطة: يحلف على أنه لا يعلم ذلك.
ولو قال: يلزمك تسلميها إلي يحلف على البت: أنه لا يلزمه تسليمها غليه؛ سواء وقع في قلبه صدقه أو لم يقع؛ لأنه قد يسمع الصفة من غيره، فيدعيه على تلك الصفة، فلو وصفها المدعي، ودفعها الملتقط إليه بلا بينة، ثم جاء غيره، وأقام بينة على أنها له: دفعت إليه، إن كانت قائمة، وإن كانت مالكة: فالمدعي بالخيار، إن شاء ضمن الملتقط قيمته، وإن شاء ضمن الآخذ، فإن ضمن الآخذ: لا رجوع له على الملتقط؛ لأن الآخذ يزعم أنه مظلوم بأخذ الغرم منه؛ فلا يرجع بالظلم على غير من ظلمه، وإن ضمن الملتقط: فهل له الرجوع على الآخذ؟ - نُظر.
إن أقر للآخذ بالملك حين دفع إليه؛ بأن قال: هي لك: فلا يرجع عليه؛ لأنه أقر أنه أخذ مال نفسه، وأن الذي أقام البينة ظلمه بأخذ القيمة منه، وإن لم يقر له، بل قال: وقع في قلبي، او غلب على ظني أنها لك، أو دفع إليه، ولم يقل شيئاً: فله الرجوع على الآخذ.
فصل في حكم الضالة
روي عن زيد بن خالد الجهني: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال في ضالة الغنم: "هي لك أو لأخيك أو للئذب"، وقال في ضالة الإبل: "ما لك ولها؛ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل

الصفحة 554