كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

نتجت: يسم نتاجها، حتى لا يختلط بغيرها، وإن لم يكن له حمى؛ فإن كان يطمع في مجيء صاحبها؛ بأن عرف أنها من نعم بني فلان: حفظها اليومين والثلاثة، وإن لم يعرف، أو عرف ولم يأت صاحبها: باعها وحفظ ثمنها؛ لأن في إمساكها والإنفاق عليها إضراراً بصاحبها.
وإن كان الواجد من الرعية: لا يجوز له أخذها للتملك، وهل يجوز له أخذها للحفظ على المالك؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز، وإذا أخذ: لا يكون ضامناً؛ كالإمام.
والثاني: وهو الأصح: لا يجوز؛ لأن النظر في مال الغير ليس إليه.
فعلى هذا: إن أخذها للحفظ على المالك، أو أخذها للتملك: كان ضامناً؛ كالغاصب، ولا يبرأ عن الضمان إلا بردها إلى مكانها كمن أخذ لقطة، ثم رمى بها: ضمنها، وهل يبرأ عن الضمان بالدفع إلى السلطان؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأن مالكها قد يكون رشيداً لا ولاية عليه للسلطان.
والثاني: وهو الأصح: يبرأ؛ لأن للسلطان ولاية على الغائب في حفظ ما يخاف عليه من ماله؛ كما يجوز له أخذها ابتداءً للحفظ على المالك.
أما إذا وجد منها شيئاً في العمران من بلد أو قرية أو قريب منها؛ كالحوائط بقرب البلد: ففيه وجهان:
أحدهما: حكمه حكم ما لو وجدها في المفازة: لا يجوز أخذها للتملك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم- يفصل بين الصحراء والعمران.
والثاني: وهو الأصح: أنها لُقطة- كالحيوان الذي لا يمتنع من صغار السباع؛ فله أن يأخذها للتعريف والتملك؛ لأن العادة لم تجر بإرسال هذه الدواب في العمران من غير حافظ، فالظاهر: أن صاحبها أضلها، وجرت العادة [بإرسال هذه الدواب] في الصحراء بلا حافظ؛ فكانت الصحراء مخالفاً فيها للعمران.
وكذلك: إذا كان أيام نهب وغارة: جاز أخذها، وإن كان في الصحراء.

الصفحة 556