كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

والقول الثاني: يستقرض الإمام على اللقيط؛ كالمضطر إلى المجاعة: يأخذ مال الغير لنفقته بالعوض؛ لأن اللقيط يجوز أن يكون له مال؛ فتكون نفقته في ماله، أو يكون له قريب تكون نفقته على قريبه من الوالدين والمولودين، وقد يكون عبداً؛ فتكون نفقته على مولاه، فإن لم يجد رجلاً بعينه يقرضه: قسطه الحاكم على أهل القرية قرضاً، ثم إن ظهر في بيت المال مال قبل بلوغ اللقيط: يؤدى ذلك القرض من بيت المال، وإن لم يظهر حتى بلغ: فيكون في ذمة اللقيط، فإن ظهر له مال: يؤدى منه، وإن لم يظهر، وله كسب: يؤدي- من كسبه، فإن لم يكن: فيؤدي الإمام من سهم المساكين والغارمين من مال الصدقات، وإن لم يكن: فهو في ذمة اللقيط إلى أن يجد، وإن بان عبداً: أخذ من مولاه.
ولو أمر الحاكم الملتقط حتى يستقرض، فينفق عليه: يجوز، ولو أمره بالإنفاق عليه من مال نفسه؛ ليرجع: ففيه قولان؛ كما في الضالة، وإن كان الملتقط غير أمين: لا ينزل اللقيط في يده، بل ينتزع منه، ويكون عند أمين؛ وإن كان ظاهره الأمانة، ولم يختبر أمانة باطنه، فتركناه في يده، وأراد أن يسافر به: ينتزع من يده؛ لأنه لا يؤمن أن يسترقه؛ فإن كان مأموناً: ترك في يده، وإن كان الملتقط عبداً: ينزع من يده؛ لأن منافعه لغيره؛ فلا يتفرغ لحضانته، وإن أذن له السيد، أو علم، فأقره في يده ترك في يده؛ كما لو التقطه السيد وسلم إلى عبده ليربيه، وإن كانت امرأة: ترك في يدها؛ لأنها أهدى إلى الحضانة.
وإن كان الملتقط ذمياً، والدار دار الإسلام، يسكنها المسلمون: ينزع منه؛ لأنه محكوم بالإسلام؛ فلا يترك في يد كافر، وإن قل فيها المسلمون.
وإن كانت الدار دار المسلمين، ويسكنها المشركون، وهو قسمان:
أحدهما: أن يفتح المسلمون بلداً من بلاد الشرك، وملكوها، وأقروا أهلها فيها، فإذا وجد فيها لقيط- نظر:
إن كان فيها مسلم واحد: فاللقيط محكوم بالإسلام، وإن لم يكن فيها أحد من المسلمين: فهو محكوم بالكفر.
والقسم الثاني: أن يكون الدار دار الإسلام في الأصل، فانجلى أهلها، وغلب عليها الكفار، فسكنوها: فإذا وجد فيها لقيط، وليس فيها أحد من المسلمين قال أبو إسحاق- رحمه

الصفحة 570