كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

أما الكلام في دعوى الرق.
إذا ادعى رجل رق اللقيط؛ سواء ادعاه الملتقط أو غيره: لا يقبل إلا ببينة؛ لأن أصل الناس على الحرية؛ بخلاف ما لو كان في يد إنسان صغير، لم ير حدوث يده عليه، يدعي رقه: يحكم له بالرق؛ لأن الأصل أن ما في يده ملكه؛ فلو شهد الشهود: أنه كان في يده قبل التقاط الملتقط: يقبل، ثم إذا ادعى المشهود له باليد رقه: يقبل؛ لأنا لم نر حدوث يده عليه.
قال الشيخ- رحمه الله-: وكذلك: لو أقام الملتقط البينة أنه كان في يده قبل الالتقاط، ثم ادعى رقه: يقبل، فلو أقام من يدعي رق اللقيط بينة شهدت أنه ملكه ولدته أمته، أو شهدت أنه ولدته أمته في ملكه: حكم له بالملك، ولو شهدت أنه ولدته أمته: ففيه قولان:
أحدهما: يحكم له بالملك؛ لأن الظاهر أنه ولد أمته في ملكه.
والثاني: لا يحكم؛ لأنها قد تلد في ملك الغير، ثم يشتري هو الأم دون الولد، ويقبل فيه شهادة رجل وامرأتين؛ لأنه شهادة على ملك اليمين، فلو شهد أربع نسوة على أنه ولدته أمته، وقلنا: بالشهادة على ولادة الأمة من غير أن يتعرض- للملك-: يثبت الملك: فههنا: تثبت الولادة بشهادتهن، ويثبت الملك في ضمنه؛ كما لو شهدت على الولادة: يثبت النسب في ضمنه؛ ولو شهدت على أنه ملكه، ولدته أمته: ذكر شيخي- رحمه الله- أنه يثبت، وذكر الملكلا يمنع قبول الشهادة على الولادة، ثم الملك يثبت ضمناً، وإن كان الملك لا يثبت بشهادتهن صريحاً، ولو شهد الشهود للملتقط: أن اللقيط عبده أو ملكه، ولم يتعرضوا للولادة- نظر:
إن بينوا سبب الملك، فقالوا: ورثه أو اشتراه أو اتهبه يقبل، وإن أطلقوا: ففيه قولان:
أحدهما: يقبل؛ كما لو شهدوا له بملك مال آخر: يقبل، فإن لم يبينوا سببه.
والثاني: وهو الأصح: لا يقبل؛ لأنهم قد يشهدون له بثبوت يده عليه بالالتقاط، ويد الالتقاط لا يدل على الملك، ولو كان المدعي غير الملتقط، فأنكر الملتقط، وحلف أنه ملكه: هل يحكم له بالملك باليمين مع اليد- فعلى قولين:
فغن كان في يد إنسان صبي، لم ير حدوث يده عليه، يدعي رقه- يحكم له بالملك؛ سواء كان الصبي طفلاً أو مراهقاً، يقر بالرق أو ينكر؛ لأنه لا حكم لقوله، فلو بلغ الصبي وأقر بالرق لغير من في يده: لا يقبل، وإن ادعى أنه حر: هل يقبل؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا يقبل؛ لأنا حكمنا برقه في الصغر؛ فلا يبطل؛ غير أن له تحليف السيد.

الصفحة 578