كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

فيه قولان:
وكذلك لو شرط رهناً فاسداً من خمر، أو خنزير، أو ميتة- ففي صحة البيع قولان:
أحدهما: لا يصح؛ لأنه أمر يرتفع به أحد المتعاقدين، فشرطه مع الجهالة يفسد البيع كالأجل، والخيار المجهول.
والثاني، وهو اختيار المزني: يصح؛ لأنه من جملة الزوائد في العقد؛ بدليل أنه يجوز إفراده عن البيع، ففساده لا يوجب فساد البيع؛ كالصداق في النكاح، لا يوجب فساده فساد النكاح.
فإن قلنا: يصح البيع، فللبائع الخيار إن كان جاهلاً.
ولو باع بشرط أن يرهن عبد فلان- لا يصح الشرط؛ لأن العادة لم تجزه، بخلاف ما لو شرط كفالة فلان- جاز، ثم في صحة البيع قولان:
ولو باع بشرط أن يشهد شاهدين وعينهما- جاز. وإن لم يعينهما هل يصح الشرط؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح كما لو شرط رهناً أو كفيلاً مجهولاً، فعلى هذا هل يفسد البيع؟
فيه قولان.
والثاني، وهو المذهب: يصح الشرط بخلاف ما لو شرط رهناً أو كفيلاً مجهولاً، لأن أعيان الشهود غير مقصودة، وإنما المقصود عدالتهما، بحيث يمكن إثبات الحق بشهادتهما. والأغراض تختلف باختلاف المرهون والكفلاء لاختلافهم في الأمانة.
فلو شرط شاهدين معينين فلم يتحملا، هل له الخيار أم لا؟
إن قلنا: لو لم يعين الشاهدين يصح الشرط، فلا خيار له؛ لأنه لا يمكنه إشهاد آخرين. وإن قلنا: لا يصح الشرط فله الخيار.
ولو باع بشرط الرهن فهلك الرهن قبل القبض، أو تعيب، أو وجد به عيباً قديماً، فله فسخ البيع.
ولو حدث العيب بعد القبض، فلا فسخ له.
ولو اختلفا فقال الراهن: حدث بعد القبض، وقال المرتهن: بل قبله، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن المرتهن يروم فسخ البيع، والأصل سلامته.
ولو قبض الرهن فتلف أو تعيب عنده ثم وُجد به عيباً قديماً، فلا أرش له؛ لأنه لم

الصفحة 70