كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: إذا رهن رجل من رجلين، ثم أدى حق أحدهما- يبقى الكل مرهوناً عند الآخر.
قلنا: هو لم يرهن من كل واحد إلا نصفه، فلا يصير كله مرهوناً عند واحد؛ كما لو باع من رجلين، لا يستبدُّ بكله أحدهما.
ولو رهن رجلان شيئاً مشاعاً من رجل، وأدى أحدهما ما عليه وافتكَّ نصيبه- يجوز له مقاسمة شريكه إن كان الشيء منقسماً، وهل يحتاج في القسمة إلى إذن المرتهن أم لا؟
هذا ينبني على أن القسمة بيع، أم إفراد حق؟
ففيه قولان: إن قلنا: بيع، يشترط إذنه، لأن بيع المرهون لا يجوز إلا بإذنه. وإن قلنا: إفراد حق لا يشترط.
وكذلك قبل أداء أحدهما حقه، أراد الراهنان القسمة، أو رهن واحد من اثنين، فأدى نصيب أحدهما، وأراد مقاسمة الآخر، هل يشترط رضاه؟
فعلى قولين، وقد ذكرنا بقية مسائل هذا الباب في "باب الرهن يجمع بين شيئين". والله أعلم.
بابُ ما يفسد الرهن
إذا شرط في الرهن ما هو قضية الرهن؛ بأن قال: رهنتك على أن تحبسه إلى أداء الحق، أو تتقدم بثمنه على سائر الغرماء، أو لا يبيعه إلا بإذنه، ونحو ذلك- يصحُّ العقد، سواء كان الرهن مشروطاً في البيع، أو لم يكن.
وإن شرط خلاف قضية العقد؛ نظر: إن لم يكن فيه نفعٌ للمرتهن؛ بأن قال: رهنتك على ألا تبيعه عند [محل الدَّين]، أو لا تبيعه إلا بما يرضاه الراهن، أو لا تبيعه بعد المحل إلا بعد شهر، أو لا يكون لك فيه حقُّ الحبس، أو لا تتقدم بثمنه على [سائر] الغرماء، أو إن بعته تبيعه بأكثر من [ثمن المثل]- فالرهن فاسد، وهل يفسد به البيع المشروط فيه؟ فعلى قولين؛ فإن قلنا: يصح البيع، فللبائع الخيار في فسخ البيع؛ لأنه لم يسلم له الرهن.
وإن شرط شرطاً فيه نفع للمرتهن، سواء شرطه الراهن، أو شرطه المرتهن بنفسه؛ مثل إن شرط أنه إن أدى الحق لا يفتكُّ الرهن، أو أن منفعة الرهن تكون للمرتهن- فالشرط فاسدٌ، وهل يفسد الرهن؟

الصفحة 79