كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وإن قلنا: فعل الأجير أثرٌ-: لا شركة له فيه، بل يكون بين البائعين: يباعُ؛ فيجعل الثمن بينهما على أحد عشر سهماً: عشرة لبائع الثوب، وسهم لبائع الصبغ.
ولو اشترى صبغاً، وصبغ به ثوباً لنفسه، ثم أفلس-: فللبائع الرجوع في عين ماله من الصبغ، ويكون شريكاً مع المشتري؛ كما ذكرنا في البائعين، فإن كان فيه نقصٌ-: فالنقصان يكون من الصبغ؛ حتى لو لم يزد قيمته على قيمة الثوب-: فالصبغ مستهلك؛ فبائعه يضارب الغرماء، ولا شركة له في الثوب.
أما إذا أحدث المشتري به فعلاً-: لم يدخل عليه شيئاً آخر، مثل: إن اشترى ثوباً، فقصره، أو خاطه بخيط من ذلك الثوب، أو اشترى حنطة فطحنها، أو دقيقاً فخبزه، أو شاة فذبحها، أو جلداً فدبغه، أو لحماً فشواه، أو طبخه، أو عبداً فعلمه القرآن أو الحرفة، أو الشِّعر المباح، أو الكتابة، أو دابة فراضها، أو أرضاً فضرب من تربتها لبناً أو بنى فيها من تربتها، ثم أفلس بالثمن-: فللبائع فسخ البيع، وأخذ المبيع، وهل يكون المفلس شريكاً معه؟ فيه نظرٌ: إن لم تزد قيمته بهذه الأعمال-: لا يكون شريكاً؛ لأن عمله مستهلك لا أثر له فيه، وإن انتقصت قيمته- لا شيء للبائع عليه، وإذا أخذ العين، وإن زادت قيمته-: فهذا مبنيٌّ على أن هذه الأعمال عينٌ أم أثر؟ وفيه قولان:
أحدهما- وهو اختيار المزني-: أنها أثرٌ؛ لأنها زيادة وصف، كسمن الدابة بالعلف، وكبر الودي بالسقي.
والثاني: أنها عين، وهو الذي اختاره الشافعي- رضي الله عنه- لأنها زيادة حصلت بسبب يجوز أخذ العوض عليه، فإنه يجوز الاستئجار على هذه الأعمال؟ بخلاف تسمين الدابة وتكبير الودي؛ فإنه لا يجوز الاستئجار عليها؛ لأنها تحدث لا بصنع منه؛ فإنه قد يبالغ في العلف، ولا يسمن.
ومن أصحابنا من قال: تعليم القرآن والشعر والكتابة والحرفة-: لا يكون عيناً قولاً واحداً؛ لأنه ليس بيد المعلم إلا التلقين، وقد يجتهد في التلقين، ولا يتعلم، فهو كسمن الدابة، والأول أصح، وبه قال "صاحب التلخيص": أنه على قولين؛ لأن الاستئجار عليه جائز.
فإن قلنا: إنها أثرٌ لا شركة للمفلس فيه؛ كالزيادة المتصلة.

الصفحة 96