كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وإن كان المشتري استأجر أجيراً على هذه الأعمال-: فالأجير يضارب الغرماء بأجرته.
وإن قلنا: إنها عين-: فالغرماء شركاء معه: فإن شاء البائع- ردَّ ما زاد بسبب هذه الأعمال، أو تباع؛ فيكون له بقدر قيمة العين، والباقي للغرماء.
فإن اشترى الثوب بعشرة، واستأجر أجيراً له بدرهم، فقصره، فصارت قيمته خمسة عشر؛ عشرة منها للبائع، ودرهم للأجير، وأربعة للغرماء.
وإن كانت قيمة الثوب عشرة، واستأجر أجيراً بخمسة، فقصره، فصارت قيمته أحد عشر: إن لم يختر الأجير فسخ الإجارة-: تباع بإحدى عشرة: عشرة للبائع، ودرهم للغرماء، والأجير يضارب الغرماء بخمسة، وإن اختار الفسخ-: فعشرة للبائع، ودرهم للأجير، ويضارب الغرماء بأربعة.
فإن قيل: إذا جعلتم فعل الأجير عيناً، وزادت بفعله خمسة، وأجرته درهم-: وجب أن تكون جميع الزيادة له، وإن كانت أجرته خمسة، ولم يزد إلا درهم-: ألا يكون له إلا درهم-: قلنا: وإن جعلناه عيناً-: فليس له ذلك بحقيقة عين؛ بل فيه معنى الأثر، فنعتبرهما، فنجعل الزيادة الحاصلة بعمله كالمرهون في حقه بأجرته، فإن كان قيمة عمله أكثر-: ليس له إلا قدر أجرته، وإن كان أقل-: فبالزيادة يحاص الغرماء.
فصلٌ [فيما إذا كان المبيع من ذوات الأمثال]
إذا كان المبيع من ذوات الأمثال، فخلطه بجنسه كالحبوب والأدهان يخلطها بجنسه- نظر: إن خلطه بمثله أو بأردأ؛ بأن اشترى صاع حنطة قيمته درهمان، فخلطه بصاع قيمته [درهم]، فخلطه بمكيلة قيمته درهم، ثم أفلس-: فقد وجد البائع عين ماله: فإن شاء أخذ منه مكيلته، وإن شاء ضارب الغرماء بالثمن، وإذا أخذ مكيلته فلا يرجع بأرش النقصان؛ إذا كان خلطه بأردأ؛ لأن المشتري لم يكن متعدياً بالخلط بخلاف ما لو غصب زيتاً، فخلطه بأردأ-: أخذ المالك مكيله وأرش النقصان؛ لأن الغاصب كان متعدياً بالخلط.
وقال أبو إسحاق: إذا خلط بأردأ، وأبى البائع أن يأخذ مكيلة زيته ناقصاً-: فيباع الزيتان، ويقسم الثمن على قدر قيمتهما؛ فالثلثان للبائع، والثلث للمفلس؛ لأنه إذا أخذ مثل زيته بالكيل-: كان أنقص من حقه، وإن كان أخذ أكثر من زيته-: كان ربا كمن باع صاعاً من زيت بأكثر، والأول المذهب: أنه يأخذ مكيلته ناقصاً إن شاء، أو يترك كما لو حدث بالمبيع عيب عند المشتري.

الصفحة 97