كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

أما إذا خلطه بأجود بأن اشترى مكيلة زيت، قيمته درهم، فخلطه بمكيلة قيمته درهمان-: فهل له أن يفسخ العقد، ويرجع في عين ماله؟ فيه قولان:
أحدهما- وهو اختيار المزني-: له أن يفسخ العقد، ويكون شريكاً مع الغرماء بقدر قيمة زيته؛ كما لو خلطه بمثله، وكالثوب صبغه.
والثاني: لا فسخ له؛ بل يضارب الغرماء بالثمن؛ لأنه لا يمكن أخذ ماله إلا زائداً، وليس كالثوب يصبغه، والسويق يلته؛ لأن الثوب بعينه موجود؛ وكذلك السويق، إلا أن صفته تغير اتصال غيره به، وههنا: عين ماله كالفائت بالخلط، وخرج قول من ههنا إلى ما لو خلط بأردأ أنه لا فسخ له، وليس بصحيح.
فإن قلنا: له أن يفسخ، فيرجع في عين ماله-: ففي كيفيته قولان:
أصحهما: أنه يباع الزيتان، ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما؛ فيكون الثلث للبائع، والثلثان للمفلس والغرماء.
والثاني- حكاه البويطي-: أنه يأخذه من هذا الزيت بقيمة مكيلته؛ فيأخذ ثلثي مكيلة، وهذا غير صحيح؛ لأنه يصير كأنه باع مكيلة زيت بثلثي مكيلة.
أما إذا خلط المبيع بجنس آخر؛ بأن خلط الزيت بألبان-: فهو كما لو تلف المبيع؛ فلا فسخ له، بل يضارب الغرماء.
ولو اشترى زيتاً، فأغلاه، فذهب ثلثه بالإغلاء، ثم أفلس البائع-: إن اختار الفسخ أخذه بثلثي الثمن، وضارب الغرماء بالثلث؛ لأنه نقصان، سواء كانت قيمته زائدة على الثلثين أو ناقصة.
ولو اشترى عصيراً، فأغلاه، فذهب ثلثه، ولم ينتقص قيمته-: فمن أصحابنا من قال: هو كالزيت: للبائع أن يأخذ الباقي بثلثي الثمن، ويضارب بالثلث الغرماء.
ومنهم من قال: إذا لم تنتقص قيمته-: يأخذ البائع، ولا شيء له؛ لأن الذاهب من العصير ماء، ولا قيمة له؛ بخلاف الزيت؛ فإن الذاهب منه زيت متقوم.
فصلٌ [في بيان إجارة المفلس]
إذا أجر أرضاً أو شيئاً آخر من إنسان، ثم أفلس المكتري بالأجرة-: يجوز للآجر فسخ الإجارة؛ لأن المنافع في الإجارة كالعين في المبيع، ثم إذا أفلس المشتري بالثمن، والمبيع قائم-: ثبت للبائع الفسخ؛ وكذلك: إذا أفلس المكتري، والمنافع باقية-: كان للآجر الفسخ.

الصفحة 98