كتاب تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل (اسم الجزء: 4)

إلى أن فارقهم اليسع، روى السدي عن يحيى بن عبد العزيز عن أبي راود قال إلياس والخضر يصومان رمضان ببيت المقدس ويوفيان الموسم في كل عام وقيل إن إلياس موكل بالفيافي والخضر موكل بالبحار فذلك قوله تعالى وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.

[سورة الصافات (37): الآيات 124 الى 128]
إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128)
إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا يعني أتعبدون بعلا وهو صنم كان لهم يعبدونه ولذلك سميت مدينتهم بعلبك قيل البعل الرب بلغة أهل اليمن وَتَذَرُونَ أي وتتركون عبادة أَحْسَنَ الْخالِقِينَ فلا تعبدونه اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي في النار إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي من قومه الذين آمنوا به فإنهم نجوا من العذاب.

[سورة الصافات (37): الآيات 129 الى 143]
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (130) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)
إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ قرئ آل ياسين بالقطع قيل أراد آل محمد صلّى الله عليه وسلّم وقيل آل القرآن لأن ياسين من أسماء القرآن وفيه بعد وقرئ الياسين بالوصل ومعناه إلياس وأتباعه من المؤمنين إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ قوله تعالى: وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ أي الباقين في العذاب ثُمَّ دَمَّرْنَا
أي أهلكنا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ
أي أهل مكة لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ
أي على آثارهم ومنازلهم مُصْبِحِينَ
أي في وقت الصباح وَبِاللَّيْلِ
أي وبالليل في أسفاركم أَفَلا تَعْقِلُونَ
أي فتعتبرون بهم.
قوله عز وجل: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
أي من جملة رسل الله تعالى إِذْ أَبَقَ
أي هرب إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
أي المملوء قال ابن عباس ووهب كان يونس وعد قومه العذاب فتأخر عنهم فخرج كالمستور منهم فقصد البحر فركب السفينة فاحتبست السفينة فقال الملاحون ها هنا عبد آبق من سيده فاقترعوا فوقعت على يونس فاقترعوا ثلاثا وهي تقع على يونس فقال أنا الآبق وزجّ نفسه في الماء.
وقيل إنه لما وصل إلى البحر كانت معه امرأته وابنان له فجاء مركب فأراد أن يركب معهم فقدم امرأته ليركب بعدها فحال الموج بينه وبين المركب وذهب المركب وجاءت موجة أخرى فأخذت ابنه الأكبر وجاء ذئب فأخذ الابن الأصغر فبقي فريدا فجاء مركب فركبه وقعد ناحية من القوم فلما مرت السفينة في البحر ركدت فقال الملاحون إن فيكم عاصيا وإلا لم يحصل وقوف السفينة فيما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر فاقترعوا فمن خرج سهمه نغرقه فلأن يغرق واحد خير من غرق الكل فاقترعوا فخرج سهم يونس فذلك قوله تعالى: فَساهَمَ
أي فقارع فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
يعني من المقرعين المغلوبين في سورة يونس والأنبياء فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ أي ابتلعه وَهُوَ مُلِيمٌ أي آت بما يلام عليه فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أي من الذاكرين الله عز وجلّ قبل ذلك

الصفحة 27