كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 4)

عُمَرَ بْنُ حَيْوَيَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا محمد بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ] [1] ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: نَعَى لَنَا نَبِيُّنَا وَحَبِيبُنَا نَفْسَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي/ وَنَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ، فَلَمَّا دَنَا الْفِرَاقُ جَمَعَنَا فِي بَيْتِ أُمِّنَا عَائِشَةَ وَتَشَدَّدَ لَنَا، فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِكُمْ حَيَّاكُمُ اللَّهُ بِالسَّلامِ [2] ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، حَفِظَكُمُ اللَّهُ، جَبَرَكُمُ اللَّهُ، رَزَقَكُمُ اللَّهُ، رَفَعَكُمُ اللَّهُ، نَفَعَكُمُ اللَّهُ، أَحَلَّكُمُ اللَّهُ، وَقَاكُمُ اللَّهُ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُوصِي اللَّهَ بِكُمْ وَأَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ وَأُحَذِّرُكُمُ اللَّهَ، إني لكم منه نَذِيرٌ مُبِينٌ أَلا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فِي عِبَادِهِ وَبِلادِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ لِي: وَلَكُمْ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 28: 83 [3] وقال: أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ 39: 60 [4] قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى أَجَلُكَ؟ قَالَ: «دَنَا الْفِرَاقُ وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَإِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى وَالْكَأْسِ الأَوْفَى وَالْحَظِّ وَالْعَيْشِ الْهَنِيِّ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يُغَسِّلُكَ؟ فَقَالَ: «رِجَالٌ مِنْ أَهْلِي الأَدْنَى فَالأَدْنَى» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ قَالَ: «فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ أَوْ ثِيَابِ مِصْرَ أَوْ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ وَبَكَيْنَا وَبَكَى، فَقَالَ: «مَهْلا رَحِمَكُمُ اللَّهُ وَجَزَاكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ خَيْرًا، إِذَا أَنْتُمْ غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى سَرِيرِي هَذَا عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي فِي بَيْتِي [هَذَا] ، ثُمَّ اخْرُجُوا عِنِّي سَاعَةً، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ حَبِيبِي وَخَلِيلِي جِبْرِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ مَعَهُ جُنُودٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ بِأَجْمَعِهِمْ، ثم ادخلوا فوجا فوجا. فصلوا عَلَيَّ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا وَلا تُؤْذُونِي بِتَزْكِيَّةٍ وَلا بِرَنَّةٍ، وَلْيَبْتَدِئْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ رِجَالُ أَهْلِي ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ بَعْدُ، وَاقْرَءُوا السَّلامَ عَلَى مَنْ غَابَ مِنْ أَصْحَابِي، وَاقْرَءُوا السَّلامَ عَلَى من تبعني على [5]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن ابن مسعود» . والخبر في طبقات ابن سعد 2/ 2/ 46، 47.
[2] في الأصل: «وحماكم الله بالإسلام» . وما أوردناه من أ، وابن سعد.
[3] سورة: القصص الآية: 83.
[4] سورة: الزمر الآية: 60.
[5] في الأصل: «من» .

الصفحة 34