كتاب مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - العلمية (اسم الجزء: 4)

المكان ولا في غير ذلك الأهل على من يعتبر الأهل وإن خرج القاضي مع الخليفة من المصر قضى وإن خرج وحده لم يجز قضاؤه فهذا ينبغي أن يكون على قول من اعتبر المكان لأن القضاء من أعلام الدين فيكون المصر شرطا فيه كالجمعة والعيدين وعن أبي يوسف أن المصر ليس بشرط فيه وإليه أشار محمد أيضا انتهى
وفي البزازية أن ما أشار إليه محمد هو رواية النوادر وبه يفتى
وإذا قضى القاضي في حادثة ببينة ثم قال رجعت عن قضائي أو بدا لي أي ظهر لي غير ذلك القضاء أو وقفت في تلبيس الشهود أو أبطلت حكمي ونحو ذلك لا يعتبر قوله والقضاء ماض إن كان بعد دعوى صحيحة وشهادة مستقيمة لأن رأيه الأول قد ترجح بالقضاء فلا ينقض باجتهاد مثله ولا يملك الرجوع عنه ولا إبطاله لأنه تعلق به حق الغير به وهو المدعي
ألا ترى أن الشاهد لما اتصل بشهادته القضاء لا يصح رجوعه ولا يملك إبطالها لما مر في موضعه فكذا القاضي
وقال الشعبي كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقضي بالقضاء ثم ينزل القرآن بعد الذي قضى بخلافه فلا يرد قضاءه فيستأنف
وفي المحيط وهذا يدل على أن القاضي إذا قضى بالاجتهاد في حادثة لا نص فيها ثم تحول عن رأيه فإنه يقضي في المستقبل بما هو أحسن عنده ولا ينقض ما مضى من قضائه لأن حدوث الاجتهاد والرأي دون نزول القرآن والنبي عليه الصلاة والسلام لم ينقض القضاء الذي قضى بالرأي بالقرآن الذي نزل بعده فهذا أولى بخلاف ما إذا قضى باجتهاده في حادثة ثم تبين نص بخلافه فإنه ينقض ذلك القضاء ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قضى باجتهاده ونزل القرآن بخلافه ومع ذلك لم ينقض قضاء الأول
والفرق أن القاضي حال ما قضى باجتهاده فالنص الذي هو مخالف لاجتهاده كان موجودا منزلا إلا أنه خفي عليه وكان الاجتهاد في محل النص فلا يصح والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم حال ما قضى باجتهاده كان الاجتهاد في محل لا نص فيه فيصح وصار ذلك شريعة له فإذا نزل القرآن بخلافه صار ناسخا لذلك الشريعة كما في التبيين وظاهره أن وقوع القضاء بالبينة لا بد منه في عدم صحة رجوع القاضي عنه وقيده في الخلاصة بذلك
وقال ابن وهبان ويفهم من التقييد أنه كان إذا قضى بعلمه يجوز له الرجوع
وفي التنوير إذا قال الشهود قضيت وأنكر القاضي بأن قال لم أقض فالقول للقاضي على القول المفتى به ما لم ينفذه قاض آخر أما إذا أنفذه قاض آخر لا يكون القول قوله في
____________________

الصفحة 482