كتاب مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - العلمية (اسم الجزء: 4)

بذلك
وجه الاستحسان أن العادة جرت بين الناس أنهم يكتبون صك الإقرار ثم يأخذون المال فلا يكون الإقرار حجة على اعتبار هذه الحالة فيحلف وبه أي بقول أبي يوسف يفتى لتغير أحوال الناس وكثرة الخداع والخيانات وهو يتضرر بذلك والمدعي لا يضره اليمين إن صادقا فيصار إليه كما في التبيين
وفي مجمع الفتاوى أن البائع لو أقر بقبض الثمن ثم قال لم أقبضه يحلف المشتري استحسانا وكذا لو أقر الواهب ثم أنكر وأراد استحلاف الموهوب يحلف وكذا لو أقر بقبض الدين ثم قال كذبت وكذا لو أقر المشتري بقبض المبيع ثم قال لم أقبضه فله ذلك استحسانا عنده لا عند الطرفين وروي أن محمدا لما قلد القضاء رجع إلى قول أبي يوسف والإقرار ليس سببا للملك لأنه ليس بناقل لملك المقر إلى المقر له لأن الإقرار إخبار يحتمل الصدق فيجوز تخلف مدلوله الوضعي عنه بخلاف الإنشاء كالبيع والهبة ونحوهما لأنه إيجاد معنى بلفظ يقارنه في الوجود فيمتنع فيه التخلف
ولو قال لآخر وكلتك بيع هذا الشيء فسكت المخاطب صار وكيلا لأن سكوته وعدم رده من ساعته دليل القبول عادة ونظيره هبة الدين ممن عليه الدين وإذا سكت صحت الهبة وسقط لما بيناه وإن قال من ساعته لا أقبل بطل وبقي الدين على حاله
ومن وكل امرأته بطلاق نفسها لا يملك الزوج الموكل عزلها لأنه يمين من جهته لما فيه من معنى اليمين وهو تعليق بفعلها فلا يصح الرجوع عن اليمين وهو تمليك من جهتها لأن الوكيل هو الذي يعمل لغيره وهي عاملة لنفسها فلا تكون وكيلة بخلاف الأجنبي كما في التبيين
ولو قال لآخر وكلتك بكذا على أني متى عزلتك فأنت وكيلي فطريق عزله أن يقول عزلتك ثم عزلتك لأن الوكالة يجوز تعليقها بالشرط فيجوز تعليقها بالعزل عن الوكالة فإذا عزله انعزل عن الوكالة المنجزة فتنجزت المعلقة فصار وكيلا جديدا ثم بالعزل الثاني انعزل
____________________

الصفحة 485