كتاب مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - العلمية (اسم الجزء: 4)

إذا هرب الغريم لأن النزع تسبيب وقد دخل بينه وبين ضياع حقه فعل فاعل مختار فلا يضاف إليه التلف كما إذا حل قيد العبد فأبق أو كدلالة السارق على مال غيره فإن الدال لا يجب عليه الضمان لأن التلف حصل بفعل السرقة لا بالدلالة وكمن أمسك هاربا من عدو حتى قتله العدو فإن الممسك لا يجب عليه الضمان فكذا هذا
ومن في يده مال إنسان فقال له السلطان ادفعه أي هذا المال إلي وإلا قطعت يدك أو ضربتك خمسين سوطا لا يضمن الدافع لو دفع المال إلى السلطان لأنه مكره عليه فكان الضمان على المكره أو على الآخذ أو أيهما شاء المالك إن كان الآخذ مختارا وإلا فعلى المكره فقط كما في التبيين لكن إن كان المكره والآخذ هو السلطان فقط بشهادة قوله إلي فلا معنى لقوله أو على الآخذ تدبر
ولو وضع في الصحراء منجلا ليصيد به أي بالمنجل حمار وحش وسمى عليه عند الوضع فجاء في اليوم الثاني ووجد الحمار مجروحا ميتا لا يحل أكله لأن الشرط أن يجرحه إنسان أو يذبحه ولم يوجد وتقييده باليوم الثاني اتفاقي حتى لو وجده ميتا من ساعته لا يحل لعدم شرطه
ويكره من الشاة الحيا مقصورا وهو الفرج والخصية والمثانة والذكر والغدة والمرارة والدم المسفوح لما روى الأوزاعي عن واصل بن جميلة عن مجاهد قال كره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من الشاة الذكر والأنثيين والقبل والغدة والمرارة والمثانة والدم قال الإمام الدم حرام وكره الستة وذلك لقوله عز وجل حرمت عليكم الميتة والدم فلما تناوله النص قطع بتحريمه وكره ما سواه لأنه مما تستخبثه الأنفس وتكرهه وهذا المعنى سبب الكراهة لقوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث كما في التبيين لكن إن هذه الأشياء إن كانت من الخبائث ينبغي القول بتحريمها لأن قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث ينتظمها فكيف تجعل مكروهة وإن لم يكن كذلك فلا بد من الدليل على الكراهة بمعنى آخر وفي شرح الوهبانية تفصيل وحاصله أن الإمام أطلق اسم الحرام على الدم المسفوح وسمى ما سواه مكروها لأنه ثبت حرمته بدليل مقطوع به وهو النص المعتبر وهو قوله تعالى إلا أن تكون ميتة أو دما مسفوحا وبقية الستة لم تثبت به بل بالاجتهاد وبظاهر الكتاب
____________________

الصفحة 489