كتاب تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (اسم الجزء: 4)

بَيِّناتٍ [الإسراء: 101] ولو سلم العموم فالمراد أنه أراه الآيات الدالة على التوحيد في قوله: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ وعلى النبوة بإظهار المعجزات القاهرة وعلى المعاد لأن تسليم القدرة على الإنشاء يستلزم تسليم القدرة على الإعادة بالطريق الأولى، أو أراد أنه أراه آياته المختصة به وعدد عليه سائر آيات الأنبياء وإخبار النبي الصادق جار مجرى العيان، أو إراءة بعض الآيات كإراءة الكل كما أن تكذيب بعض الآيات يستلزم تكذيب الكل كما قال: فَكَذَّبَ أي الآيات كلها وَأَبى قول الحق. قال القاضي: الإباء الامتناع وإنه لا يوصف به إلا من يتمكن من الفعل والترك وإلا لم يتوجه الذم. وجواب الأشاعرة أنه لا يسأل عما يفعل ثم إن فرعون خاف أن تميل قلوب ملته إلى قول موسى فذكر ما يوجب نفار القوم عنه مع القدح في نبوته لادعاء إمكان معارضته قائلا أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا فإن الإخراج من الديار قرينة القتل بدليل قوله: أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ [النساء: 66] ثم طالب للمعارضة موعدا فإن جعلته زمان الوعد بدليل قوله:
مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ بالرفع كان الضمير في لا نُخْلِفُهُ عائدا إلى الوعد المعلوم من الموعد أو إلى زمان الوعد مجازا. وانتصب مَكاناً على أنه ظرف للوعد المقدر، وإن جعلته مكان الوعد ليكون قوله: مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ مطابقا له معنى، لأنه لا؟؟؟ من أن يجتمعوا يوم الزينة في مكان مشتهر عندهم وكأنه قيل: موعدكم مكان الاجتماع في يوم الزينة.
وإن جعلته مصدرا ليصح وصفه بعدم الإخلاف من غير ارتكاب إضمار، أو؟؟؟ انتصب مَكاناً على أنه ظرف.
ثم من قرأ يَوْمُ الزِّينَةِ بالنصب فظاهر أي وعدكم أو انجاز وعدكم في يوم الزينة، أو وقت وعدكم في يوم الزينة. وفي يوم يُحْشَرَ النَّاسُ هو ضحى؟؟؟ ذلك اليوم. ومن قرأ بالرفع فيقدر مضاف محذوف أي وعدكم وعد يوم الزينة. و؟؟؟ سُوىً بالكسر والضم عدلا ووسطا بين الفريقين وهو معنى قول مجاهد. فوصف المكان بالاستواء باعتبار المسافة. وقال ابن زيد: أي مستويا لا يحجب شيئا بارتفاعه وانخفاضه ليسهل على كل الحاضرين ما يجري بين الفريقين. وقال الكلبي: مَكاناً سُوىً هذا المكان الذي نحن فيه الآن. قال القاضي: الأظهر أن قوله: مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ من قول فرعون لأنه الطالب للاجتماع. وقال الإمام فخر الدين الرازي: الأقرب أنه من كلام موسى ليكون الكلام مبنيا على السؤال والجواب، ولأن تعيين يوم الزينة يقتضي إطلاع الكل على ما سيقع وهذا إنما يليق بالمحق الواثق بالغلبة لا بالمبطل المزور، على أن

الصفحة 554