كتاب تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (اسم الجزء: 4)

أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه، والأكثرون أنها بمعنى الصلاة ليكون كقوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة: 45] ولأنه بين أوقاتها فقيل طلوع الشمس هو صلاة الفجر، وقبل غروبها صلاة الظهر والعصر لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ المغرب والعتمة. وقوله وَأَطْرافَ النَّهارِ أي في طرفيه فجمع للمبالغة وأمن الإلباس، أو لأن أقل الجمع اثنان. أو أراد طرفي كل نهار تكرار لصلاتي الفجر والعصر لا المغرب على ما ظن اعتناء بشأنهما كقوله وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: 238] وآناء جمع «أنى» وهو الساعة وقد مر في «آل عمران» . وإنما قدم آناء الليل وأدخل الفاء في فَسَبِّحْ المؤذنة بتلازم ما قبلها وما بعدها تنبيها على زيادة الاهتمام بشأن صلاة الليل، لأن الليل وقت السكون والراحة وهدوّ الأصوات فالصلاة فيه أشق على النفس وأدخل صلاة الظهر لأنه خصص قبل الغروب بصلاة العصر. ومنهم من زاد فيها النوافل لأن الآية صلاة الظهر لأنه خصص قبل الغروب بصلاة العصر. ومنهم من زاد فيها النوافل لأن الصلاة في الأوقات المذكورة تشملها والأمر قد يكون للندب لا أقل من التغليب. وقال أبو مسلم: الأقرب حمل التسبيح على التنزيه والإجلال كأنه لما أمره بالصبر على أذية القوم بعثه على الاشتغال بالتقديس والمواظبة عليه في كل الأوقات.
وقوله: لَعَلَّكَ تَرْضى كقوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء:
79] وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: هـ] ولا ريب أن الأطماع من الكريم واجب الوقوع اللهم ارزقنا شفاعته. ولما حث رسوله على الأمور الدينية نهاه عن الميل إلى الزخارف الدنيوية فقال: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ أي نظر عينيك. ومد النظر تطويله استحسانا للمنظور إليه، وفيه أن النظر الغير الممدود معفوّ عنه كما لو نظر فغض. وقال أبو مسلم: المنهي عنه في الآية ليس هو التطويل وإنما هو الأسف أي لا تأسف على ما فاتك مما نالوا من حظ الدنيا.
قال أبو رافع: نزل ضيف بالنبي صلى الله عليه وسلم فبعثني إلى يهوديّ يستقرضه فقال: لا أقرضه إلا برهن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إني لأمين في السماء وإني لأمين في الأرض، أحمل إليه درعي الحديد فنزلت.
والأزواج الأصناف. وقيل: أي أشكالا وأشباها من الكفار لأنهم أشكال في الذهاب عن الصواب. وقد مر في آخر الحجر. ولقد شدد العلماء المتقون في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وملابسهم ومراكبهم لأنهم اتخذوها لعيون النظارة. فالناظر إليها محصل لغرضهم فيكون إغراء لهم على اتخاذها. قال جار الله: انتصب زَهْرَةَ على الذم، أو

الصفحة 582