@ 17 @
الخوارج وهم عند الجسر الأصغر فحاربهم وهو في وجوه الناس وأشرافهم فدفعهم عن الجسر ولم يكن بقي إلا أن يدخلوا فارتفعوا الى الجسر الأكبر فسار إليهم في الخيل والرجال فلما رأوه قد قاربهم ارتفعوا فوق ذلك ولما بلغ حارثة بن زيد تأمير المهلب على قتال الأزارقة قال لمن معه من الناس
( كرنبوا ودولبوا ... وحيث شئتم فاذهبوا )
وأقبل بمن معه نحو البصرة فرد الحرث بن أبي ربيعة الى المهلب وركب حارثة في سفينة في نهر دجيل يريد البصرة فأتاه رجل من تميم وعليه سلاحة والخوارج وراءه فصاح التميمي بحارثة يستغيث به ليحمله معه فقرب السفينة إلى شاطئ النهر وهو جرف فوثب التميمي إليها فغاصت بجميع من فيها فغرقوا وأما المهلب فإنه سار حتى نزل بالخوارج وهم بنهر تيرى فتنحوا عنه إلى الأهواز فسير المهلب إلى عسكرهم الجواسيس تأتيه بأخبارهم فلما أتاه خبرهم سار نحوهم واستخلف أخاه المعارك بن أبي صفرة على نهر تيرى فلما وصل الأهواز قاتلت الخوارج مقدمته وعليهم ابنه المغيرة بن المهلب بي أبي صفرة فجال أصحابه ثم عادوا فلما رأى الخوارج صبرهم ساروا عن سوق الأهواز إلى مناذر فسار يريدهم فلما قاربهم سير الخوارج جمعا عليهم واقد مولى أبي صفرة إلى نهر تيرى وبها المعارك فقتلوه وصلبوه وبلغ الخبر إلى المهلب فسير ابنه المغيرة إلى نهر تيرى فانزل عمه المعارك ودفنه وسكن الناس واستخلف بها جماعة وعاد إلى أبيه وقد نزل سولاف وكان المهلب شديد الاحتياط والحذر لا ينزل إلا في خندق وهو على تعبية ويتولى الحرس نفسه فلما نازل الخوارج بسولاف ركبوا ووقفوا له واقتتلوا قتالا شديدا صبر فيه الفريقان ثم حملت الخوارج حملة صادقة على المهلب وأصحابه فانهزموا وقتل منهم وثبت المهلب وأبلى ابنه المغيرة يومئذ بلاء حسنا ظهر فيه أثره ونادى المهلب اصحابه فعادوا إليه معهم جمع كثير نحو أربعة آلاف فارس فلما كان الغد أراد القتال بمن معه فنهاه بعض أصحابه لضعفهم