@ 19 @
الزبير بن الماحوز وكانوا أحسن عدة وأكرم خيلا من أهل البصرة لأنهم مخروا الأرض وجردوها ما بين كرمان إلى الأهواز فالتقى الناس واقتتلوا أشد قتال وصبر الفريقان عامة النهار ثم ان الخوارج شدت على الناس شدة منكرة فأجفلوا وانهزموا لا يلوي أحد على أحد حتى بلغت الهزيمة البصرة وخاف أهلها السباء وأسرع المهلب حتى سبق المنهزمين إلى مكان مرتفع ثم نادى إلي عباد الله فاجتمع إليه ثلاثة آلاف أكثرهم من قومه من الأزد فلما رآهم رضي عدتهم فخطبهم وحثهم على القتال ووعدهم النصر وأمرهم أن يأخذ كل رجل منهم عشرة أحجار وقال سيروا بنا نحو عسكرهم فإنهم الآن آمنون وقد خرجت خيلهم في طلب إخوانهم فوالله إني لأرجو أن لا ترجع إليهم خيلهم حتى تستبيحوا عسكرهم وتقتلوا أميرهم فأجابوه فأقبل بهم راجعا فما شعرت الخوارج إلا والمهلب يقاتلهم في جانب عسكرهم فلقيهم عبد الله بن الماحوز والخوارج فرماهم أصحاب المهلب بالأحجار حتى اثخنوهم ثم طعنوهم بالرماح وضربوهم بالسيوف فاقتتلوا ساعة فقتل عبد الله بن الماحوز وكثير من أصحابه وغنم المهلب عسكرهم وأقبل من كان في طلب أهل البصرة راجعا وقد وضع المهلب لهم خيلا ورجالا تختطفهم وتقتلهم وانكفؤوا راجعين مذلولين مغلوبين فارتفعوا إلى كرمان وجانب أصبهان وقال بعض الخوارج لما رأى قتال أصحاب المهلب بالحجارة
( أتانا بأحجار ليقتلنا بها ... وهل تقتل الأقران ويحك بالحجر )
ولما فرغ المهلب منهم أقام مكانه حتى قدم مصعب بن الزبير على البصرة أميرا وعزل الحرث بن أبي ربيعة وفي هذا اليوم يقول الصلتان العبدي
( بسلى وسلبرا مصارع فتية ... كرام وقتلى لم توسد خدودها )
فلما قتل عبد الله بن الماحوز استخلف الخوارج الزبير بن الماحوز وكتب المهلب إلى الحرث بن أبي ربيعة يعرفه ظفره فأرسل الحرث الكتاب إلى ابن الزبير بمكة ليقرأه على الناس هناك وكتب الحرث إلى المهلب أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه نصر الله وظفر المسلمين فهنيئا لك يا أخا الأزد شرف الدنيا وعزها وثواب الآخرة وفضلها فلما قرأ المهلب كتابه ضحك وقال أما يعرفني إلا بأخي الأزد فما هو إلا أعرابي جاف وقيل ان عثمان بن عبيد الله بن معمر قاتل الخوارج ونافع بن الأزرق قبل مسلم فقتل عثمان وانهزم أصحابه بعد أن قتل من الخوارج خلق كثير