كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 4)

@ 39 @
فكتب المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد أن خل بين يزيد وبين البلاد فسار يزيد إلى المدائن ثم سار إلى أرض جوخى والراذانات إلى أرض الموصل فنزل بباقلى وبلغ خبره ابن زياد فقال لأبعثن إلى كل ألف ألفين فأرسل ربيعة بن مخارق الغنوي في ثلاثة آلاف وعبد الله بن جملة الخثعمي في ثلاثة آلاف فسار ربيعة قبل عبد الله بيوم فنزل يزيد بن أنس بباقلي فخرج يزيد بن أنس وهو مريض شديد المرض راكب على حمار يمسكه الرجال فوقف على أصحابه وعباهم وحثهم على القتال وقال إن هلكت فأميركم ورقاء بن العازب الأسدي فإن هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري فإن هلك فأميركم سعر بن أبي سعر الحنفي وجعل على ميمنته عبد الله وعلى مسيرته سعرا وعلى الخيل ورقاء ونزل هو فوضع بين الرجال على سرير وقال قاتلوا عن أميركم إن شئتم أو فروا عنه وهو يأمر الناس بما يفعلون ثم يغمى عليه ثم يفيق
واقتتل الناس عند فلق الصبح يوم عرفة واشتد قتالهم إلى ارتفاع الضحى فانهزم أهل الشام وأخذ عسكرهم وانتهى أصحاب يزيد إلى ربيعة بن مخارق وقد انهزم عنه أصحابه وهو نازل ينادي يا أولياء الحق أنا ابن مخارق إنما تقاتلون العبيد الأباق ومن ترك الإسلام وخرج منه فاجتمع إليه جماعة فقاتلوا معه فاشتد القتال ثم انهزم أهل الشام وقتل ربيعة بن مخارق قتله عبد الله بن ورقاء الأسدي وعبد الله بن ضمرة العذري فلم يسر المنهزمون غير ساعة حتى لقيهم عبد الله بن جملة في ثلاثة آلاف فرد معه المنهزمين ونزل يزيد بباقلى فباتوا ليلتهم يتحارسون فلما صبحوا يوم الأضحى خرجوا إلى القتال فاقتتلوا قتالا شديدا ثم نزلوا فصلوا الظهر ثم عادوا إلى القتال فانهزم أهل الشام وترك ابن جملة في جماعة فقاتل قتالا شديدا فحمل عليه عبد الله بن قراد الخثعمي فقتله وحوى أهل الكوفة عسكرهم وقتلوا فيهم قتلا ذريعا وأسروا منهم ثلاثمائة أسير وأمر يزيد بن أنس بقتلهم وهو بآخر رمق فقتلوا ثم مات آخر النهار فدفنه أصحابه وسقط في أيديهم وكان قد استخلف ورقاء بن عازب الأسدي فصلى عليه ثم قال لأصحابه ماذا ترون انه قد بلغني أن ابن زياد قد أقبل إليكم في ثمانين ألفا وإنما أنا رجل منكم فأشيروا علي فإني لا أرى لنا بأهل الشام طاقة على هذه الحال وقد هلك

الصفحة 39