@ 44 @
القرية وفيها أبو عمرة صاحب المختار وكان قد أرسله المختار إلى تلك القرية ليكون مسلحة بينه وبين أهل البصرة فلقي ذلك العلج علجا آخر من تلك القرية فشكا اليه ما لقي من شمر فبينما هو يكلمه إذ مر به رجل من أصحاب أبي عمرة اسمه عبد الرحمن بن أبي الكنود فرأى الكتاب وعنوانه لمصعب بن الزبير من شمر فقال للعلج أين هو فأخبره فإذا ليس بينه وبينهم إلا ثلاثة فراسخ قال فأقبلوا يسيرون إليه وكان قد قا لشمر أصحابه لو ارتحلت بنا من هذه القرية فإنا نتخوف منها فقال كل هذا فزعا من الكذاب والله لا أتحول منها ثلاثة أيام ملأ الله قلوبهم رعبا فإنهم لنيام إذ سمع وقع الحوافر فقالوا في أنفسهم هذا صوت الدبى ثم اشتد فذهب أصحابه ليقوموا فإذا بالخيل قد اشرفت من التل فكبروا وأحاطوا بالأبيات فولى أصحابه هاربين وتركوا خيولهم وقام شمر وقد اتزر ببرد وكان أبرص فطهر بياض بربصه من فوق البرد وهو ياطعنهم بالرمح وقد عجلوه عن ليس ثيابه وسلاحه وكان أصحابه قد فارقوه فلما أبعدوا عنه سمعوا التكبير وقائلا يقول قتل الخبيث قتله ابن أبي الكنود وهو الذي رأى الكتاب مع العلج وألقيت جثته للكلاب قال وسمعته بعد أن قاتلنا بالرمح ثم ألقاه وأخذ السيف فقاتلنا به وهو يرتجز شعرا
( نبهتم ليث عرين باسلا ... جهما محياه يدق الكاهلا )
( لم ير يوما عن عدو ناكلا ... إلا كذا مقاتلا أو قاتلا )
( ينزحهم ضربا ويروي العاملا )
وأقبل المختار إلى القصر من جبانة السبيع ومعه سراقة بن مرداس البارقي أسيرا فناداه شعرا
( أمنن علي اليوم يا خير معد وخيرمن حل بتجر والجند وخير من لبى وحيا وسجد ) فأرسله المختار إلى السجن ثم أحضره من الغد فأقبل إليه وهو يقول شعرا
( ألا أبلغ أبا إسحق أنا ... نزونا نزوة كانت علينا )
( خرجنا لا نرى الضعفاء شيئا ... وكان خروجنا بطرا وحينا )