@ 459 @
أخاف أمير المؤمنين أن يقول أهلكت جندي فأجازهم وشرط عليهم أن يقيموا سنة ويرجعوا إلى افريقية فأجابوه إلى ذلك وأخذ رهائنهم وأجازهم فلما وصلوا إليه رأى هو والمسلمون ما بهم من سوء الحال والفقر والعرى لشدة الحصار عليهم فكسوهم وأحسنة ا إليهم وقصدوا جمعا من البربر بشدونة فقاتلوهم فظفروا بالبربر فأهلكوهم وغنموا ما لهم ودوابهم وسلاحهم فصلحت أحوال أصحاب بلج وصار لهم دواب يركبونها ورجع عبد الملك بن قطن إلى قرطبة وقال لبلج ومن معه ليخرجوا من الأندلس فأجابوه إلى ذلك فطلبوا منه مراكب يسيرون فيها من غير الجزيرة الخضراء لئلا يلقوا البربر الذين حصروهم فامتنع عبد الملك وقال ليس لي مراكب إلا في الجزيرة فقالوا إننا لا نرجع نتعرض إلى البربر ولا نقصد الجهة التي هم فيها لأننا نخاف أن يقتلونا في بلادهم فألح عليهم في العود فلما رأوا ذلك ثاروا به وقاتلوه فظفروا به وأخرجوه من القصر وذلك أوائل ذي القعدة من هذه السنة فلما ظفر بلج بعبد الملك أشار عليه أصحابه بقتل عبد الملك فأخرجه من داره وكأنه فرخ لكبر سنه فقتله وصلبه وولي الأندلس وكان عمر عبد الملك تسعين سنة وهرب ابناه قطن وأمية فلحق أحدهما بماردة والآخر بسرقسطة وكان هربهما قبل قتل أبيهما فلما قتل فعلا ما نذكره إن شاء الله تعالى
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة أوفد يوسف بن عمر الحكم بن الصلت إلى هشام يطلب إليه أن يستعمله على خراسان ويذكر أنه خبير بها وأنه عمل بها الأعمال الكثيرة ويقع في نصر بن سيار فتوجه هشام إلى دار الضيافة فاحضر مقاتل بن علي السعدي وقد قدم من خراسان ومعه مائة وخمسون من الترك فسأله عن الحكم وما ولي بخراسان فقال ولي قرية يقال لها الفارياب سبعون ألفا خراجها فأسره الحرث بن سريج فعرك أذنه وأطلقه وقال أنت أهون من أن أقتلك فلم يعزل هشام نصر بن سيار عن خراسان
وفي هذه السنة غزا نصر بن سيار فرغانة غزوته الشاتية فأوفد وفدا إلى العراق