@ 468 @
فغضب هشام على إبنه مسلمة وكان يكنى ابا شاكر وقال له يعيرني الوليد بك وأنا أرشحك للخلافة فألزمه الأدب وأحضره الجماعة وولاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة فأظهر النسك واللين ثم انه قسم بمكة والمدينة أموالا فقال مولى لأهل المدينة
( يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر )
( الواهب الجرد بأرسالها ... ليس بزنديق ولا كافر )
يعرض بالوليد وكان هشام يعيب الوليد وينتقصه ويقصر به فخرج الوليد ومعه ناس من خاصته ومواليه فنزل بالأزرق على ماء له بالأردن وخلف كاتبه عياض بن مسلم عند هشام ليكاتبه بما عندهم وقطع هشام عن الوليد ما كان يجري عليه وكاتبه الوليد فلم يجبه إلى رده وأمره باخراج عبد الصمد من عنده فأخرجه وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه فضرب هشام ابن سهيل وسيره وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه وحبسه فقال الوليد من يثق بالناس ومن يصنع المعروف هذا الأحول المشؤوم قدمه أبي على أهل بيته وميزه ولي عهده ثم يصنع بي ما ترون لا يعلم أن لي في أحد هوى إلا عبث به وكتب إلى هشام في ذلك يعاتبه ويسأله أن يرد عليه كاتبه فلم يرده فكتب إليه الوليد
( رأيتك تبني دائما في قطيعتي ... ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني )
( تثير على الباقين مجنى ضغينة ... فويل لهم إن مت من شر ما تجني )
( كأني بهم والليت أفضل قولهم ... ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني )
( كفرت يدا من منعم لو شكرتها ... جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن )
فلم يزل الوليد مقيما في تلك البرية حتى مات هشام فلما كان صبيحة اليوم الذي جاءته فيه الخلافة قال لأبي الزبير المنذر بن أبي عمرو ما بت على ليلة منذ عقلت عقلي أطول من هذه الليلة عرضت لي هموم وحدثت نفسي فيها بأمور هذا