كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 4)

@ 469 @
الرجل يعني هشاما قد أولع بي فاركب بنا نتنفس فركبا وسارا ميلين ووقف على كثيب فنظر إلى رهج فقال هؤلاء رسل هشام فسأل الله من خيرهم فبينما هما كذلك إذ بدا رجلان على البريد أحدهما مولى لأبي محمد السفياني والآخر جردبة فلما قربا نزلا يعدوان حتى دنوا منه فسلما عليه بالخلافة فوجم ثم قال أمات هشام قالا نعم والكتاب معنا من سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل فقرأه وسأل مولى أبي محمد السفياني عن كاتبه عياض فقال لم يزل محبوسا حتى نزل بهشام الموت فأرسل إلى الخزان وقال احتفظوا ما في أيديكم فأفاق هشام فطلب شيئا فمنعوه فقال إنا لله كنا خزانا للوليد ومات من ساعته وخرج عياض من السجن فختم أبواب الخزائن وأنزل هشاما من فرشه وما وجدوا له قمقما يسخن له فيه الماء حتى استعاروه ولا وجدوا كفنا من الخزائن فكفنه غالب مولاه فقال
( هلك الأحول المش ... وم وقد أرسل المطر )
( وملكنا من بعد ذا ... ك فقد أورق الشجر )
( فاشكر لله انه ... زائد كل من شكر )
وقيل إن هذا الشعر لغير الوليد فلما سمع الوليد موته كتب إلى العباس بن عبد الملك بن مروان أن يأتي الرصافة فيحمي ما فيها من أموال هشام وولده وعياله وحشمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كلم أباه في الرفق بالوليد فقدم العباس الرصافة ففعل ما كتب به الوليدإليه وكتب به إلى الوليد فقال الوليد
( ليت هشاما كان حيا يرى ... محلبه الأوفر قد اترعا )
( ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكياله الأوفر قد طبعا )
( كلناه بالصاع الذي كاله ... وما ظلمناه به أصبعا )
( وما ألفنا ذاك عن بدعة ... أحله الفرقان لي أجمعا )
وضيق على أهل الشام وأصحابه فجاء خادم لهشام فوقف عند قبره وبكى وقال

الصفحة 469